وجود الآخر والتعايش معه والاستعداد للانفتاح عليه والتفاهم أو التعاون أو مجرد التحاور السلمي معه. وإذا كان الانحدار إلى مثل تلك الهاوية الفكرية والحضارية المقززة من فرط تطرفها ولاإنسانيتها أمراً مؤسفاً في كل الأحوال وبالنسبة إلى جميع من ينتسبون إلى جنس البشر المفترض فيه العقل والتمييز والترفع عن كثير من الغرائز البدائية.
فإنه لا يثير دهشة واستغراب المرء الحقيقيين إلا حين يكون المتورطون فيه من النخبة المثقفة أو ممن يحاولون الاقتران بها والانضمام إليها، ولا أقول التمحُّك بها. فالتطرف بطبيعته سمة من سمات من لا يفكرون كثيراً ولا يُعملون عقولهم كثيراً ومن يسمحون للغير الأقدم أو الأكبر أو الأعلى سلطة بأن يفكر بالنيابة عنهم وأن يرشدهم إلى الصواب وإلى الحق وإلى الإجابات المعلبة الجاهزة السهلة حتى عن أعوص الأسئلة والمعضلات الوجودية الجدلية.
التطرف سمة من سمات من لا يملك حداً أدنى من المعلومات والخبرات والأدوات العقلية التحليلية والثقة بالنفس وفي القدرات الذاتية والجمعية اللازمة لتكوين رأي مغاير للرأي الذي نشأ فوجده مفروضاً عليه أو متاحاً بالمجان لكل من هم مثله ومن نشأوا في ظروفه ومن يفضلون بحكم العُرف أن يعيشوا بعقول عليها مغاليق لا يملك مفاتيحها سوى كاهن من الكهنة أو واحد ممن هم على شاكلة الكهنة في كل العصور؛ والتطرف أداة دفاعية شهيرة جداً ومتواترة يستخدمها كثيرون ممن لم يفكروا كثيراً في ما تم توريثهم إياه من معتقدات ومبادئ، أداة دفاعية يهاجمون بها وبشكل استباقي عصبي ومتحفز كل من يفتح المغاليق أو من يكاد. هذا كله مفهوم ومتوقع ومتصور بين"العوام" الذين لا يفكرون "خارج الصندوق" أبداً.. لكن كيف استطاعت آفات التطرف ورفض الآخر والاستعلاء عليه والسخرية المستمرة منه وادعاء "أننا وحدنا نملك الحقيقة المطلقة" و"أن الآخر إنْ هو إلا على خطأ تام وفي ضلال مبين" - كيف استطاعت تلك الآفات الكريهة وأساليب التفكير والتصرف السطحية تلك أن تتغلغل إلى الجماعات النخبوية حتى أصبح السواد الأعظم من أعضاء الأخيرة ومن الطامحين في الانتساب إليها في مجتمعنا يعانون بشكل أو بآخر منها (من تلك الآفات أقصد)ا؟ كيف يستقيم أن يتحول المثقف القارئ المطّلع إلى متطرف صِدامي بل وأحياناً إرهابي في أساليب حواره تماماً كالجاهل الذي يستميت دفاعاً عن معتقداته الدينية أو السياسية أو الأيديولوجية,ما نحن بحاجة اليه ليس نقاش من اجل نقاش بل الموضوعية و التجرد بعيدا عن المرارات الشخصية,فلنحرص جميعا على مناقشة المقالات المطروحة على هذا الوقع بطريقة تليق بشباب مثقفين و مستنيرين.
ودمتم
Eide Samuel Aguet
Newer articles:
- القيادي بالحركة الشعبية يدعى الجنوبين على التصويت للوحدة لان في الوحدة قوة على حد تعبيره - 29/08/2010 08:09
- الملك عرياناً ... ملاحظات علي تعقيب إدوارد أشيك - 29/08/2010 01:00
- رد على مقال شخصى ام تعقيب مهذب يثرى الحوار - 28/08/2010 12:14
- لماذا اصبح الإنفصال جاذب؟ - 28/08/2010 01:00
- رد على مقال كيمي جيمس بعنوان أسئلة برئية الي الدكتوربيتر أدوك نيابا بتاريخ 25.8.2010 - 27/08/2010 11:45
Older news items
Latest news items (all categories):
- JUSTICE, OR VENDETTA? - The Consequences of Kirr's pursuit - 10/10/2025 21:43
- Palestine: An ongoing tragedy - 10/10/2025 21:35
- Sudan and South Sudan Sign Pact to Protect Oil Pipeline, Critical Oil Infrastructure - 10/10/2025 19:22
- RJMEC: "There is a risk of a large-scale resumption of civil war in South Sudan" - 10/10/2025 19:15
- How communities safeguard mental health in South Sudan - 10/10/2025 19:05
Random articles (all categories):
- South Sudan: In Search Of A Path To Peace – Analysis - 12/01/2018 20:06
- South Sudan experiencing improved relations with Sudan - 20/08/2013 02:13
- South Sudan bishop appeals for urgent humanitarian action - 24/03/2017 07:38
- Best Wishes to Simon Aban Deng - 13/07/2007 14:15
- South Sudan threatens to attack rebel stronghold if ceasefire rejected - 28/12/2013 16:00
Popular articles:
- مفهوم التنمية . - 12/04/2011 01:00 - Read 94697 times
- مفهوم النزاع - 06/04/2011 01:00 - Read 61554 times
- مفهوم التنمية الصحية - 31/01/2012 21:32 - Read 49372 times
- Jobs Analysis Concept مفهوم توصيف او تحليل الوظائف - 01/10/2011 01:00 - Read 47457 times
- مفهوم الحكم الراشد - 23/10/2010 03:30 - Read 44020 times