logo

تحدثنا فى مقال سابق عن ``مفهوم الحكم الراشد`` فى هذا الموقع الالكترونى لفشودة وحددنا ابعادها والمتمثلة فى( الشفافية ‘ المساءلة اوالمحاسبة ‘ العدالة ‘ حكم القانون ‘ المساواة) وقد تناولنا ايضاً ``مفهوم الشفافية``كبعد من ابعاد الحكم الراشد قبل هذا المقال ولتوسيع جزء من دائرة" مفهوم الحكم الراشد " سنتناول...

"مفهوم المساءلة او المحاسبة" كبعد اخر من ابعاد الحكم الراشد ونحدد فيها مفهومها واهميتها ومستوياتها فى الإدارة العامة ومعوقاتها الإدارية والاجتماعية والسياسية خاصة ان شعب جنوب السودان ناضلة من اجل مثل هذه القيم الانسانية من ( المساواة ‘ حكم القانون ‘ العدالة) والتى سيتم القاء الضؤ وتناولها عند اتساع الوقت قبل 9 يناير 2011 لتكملة الصورة العامة للحكم الراشد .

ولكى نبدء كشعب جنوب السودان على الاقل لبدية معقولة وصحيحية وبالرغم من بعض (ظواهر التضامنات الاجتماعية والقبلية والمفاهيم المتعارضة للمفهوم الحكم الراشد والممارسات الادارية غير الرشيدة السائد حالياً وفقاً للاوضاع الإنتقالية وبذلك لابد من الهادفين والغيورين بشان مستقبل الاجيال القادمة بجنوب السودان البدء بالمساهمة والمبادرة والتوعية ومحاربة كل الممارسات المتعارضة للمفهوم الحكم الراشد وابعادها على كافة المستويات ( السياسية ‘ الاجتماعية ‘ الإدارية ‘ الاقتصادية ... .الخ).

لا يخلو تنظيم بشرى من نظام المساءلة او المحاسبة ولابد من وجود سلطة تنظم سلوك الافراد وتحاسب كل من يخرق القوانين او الاعراف السائدة وتعتبر السلطة والمسئولية وجهان لعملة واحدة حيث لا يمكن ان تكون هناك سلطة بدون مسئولية ولا مسئولية بدون سلطة ويجب ان تكون هناك توازن بينهما.

ولا يمكن تجسيد المسئولية الإ بمساءلة القائمين على امر السلطة وقد قدم المفكرون والفلاسفة إسهامات كثيرة حول مفهوم المساءلة او المحاسبة واختلفت هذه المساهمات باختلاف مجالات الإهتمام والرؤية.

إرتبط الحديث عن المحاسبة او المساءلة الديمقراطية فى الفكر السياسى واصبحت المساءلة فى العلاقة بين الحكام والمحكومين .

وحتى فى النظم غير الديمقراطية إرتبط ايضاً مفهوم المحاسبة بمبدا المشروعية فى الفكرالقانونى وهو يعنى خضوع الدولة للقانون فى كل نشاطاتها وعمالها وفى إلادارة باعتبارها سلطة من سلطات الدولة.

وارتبط الحديث عن المحاسبة او المساءلة فى الفكر والتطبيق الإدارى بالمسئولئة وحدود ممارسة السلطة الإدارية وذلك بهدف لان تنفيذ الإدارة العامة السياسات العامة بكفاءة وفعالية وان تستجيب لحاجات المجتمع المتذايدة.

ورغم اختلاف تناول المساءلة او المحاسبة حسب المجالات المعرفية إلا ان جميع المفاهيم اتفقت على الهدف الاساسى للمحاسبة او المساءلة وهو المحافظة على حقوق المواطن فى مواجهة تعسف السلطة وتحقيق رفاهيته وتمكينه من محاسبة المسئولين الممارسين للسلطة فى مختلف مواقعهم.

ويتفق بعض الباحثين ان دول العالم الثالث اخفقت بدرجات متفاوتة فى بلوغ هذا الهدف فصار المواطن كماً مهملاً وهدرات حقوقه ولا يستطيع محاسبة من هم فى السلطة خاصة فى ظل عدم وجود تقاليد (محاسبية والسياسية وقانونية وإدارية) مما ادى الى فشل السياسات إلاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتفشى ظاهرة الفساد باختلاف صوره واخفقت هذه الدول فى تحقيق التنمية وبهذا فإن المساءلة او المحاسبة هى احد القيم المحورية فى الادارة العامة.

تحديد مفهوم المساءلة او المحاسبة فى الإدارة العامة يثير كثير من الصعوبات وتتعدد المفاهيم وتحمل بعض النقص فى تحديد الدقيق للفهوم .

وهناك من يعرف المساءلة او المحاسبة بإنها تعبير عن المسئولية الافراد عما يمارسون من افعال وقياساً على ذلك يتحمل جهاز الخدمة المدنية او العامة ما يترتب على الاداء الوظيفى من سلوكيات وتصرفات وهناك من يراها ( مسئولية متراكمة) حيث يخضع كل مدير للمساءلة او المحاسبة عن تصرفه الشخصى وعن الافعال الصادرة عن فريق العمل الذى يخضع لإشرافه .

واحدث ما تقدمه ادبيات الآدارة العامة هو الحديث عن( سيادة المستفيد) بمعنى ان المواطن المستفيد يستطيع ان يحاسب الادارة.

ويرى البعض ان الإدارة العامة تقدم \" سلعة \" والمواطن هو \" الزبون\" وبالتالى تكون المساءلة او المحاسبة هى\" قدرة المواطن المستفيد على كسب استجابة من قدم السلعة إزاء ما يبديه من إنتقادات ويحق له ان يستبدل اخر بمقدم السلعة إذا لم تاتى الإستجابة على النحو المقبول.

وتعرف المساءلة او المحاسبة بإنها \" الالتزام بان تصبح مسئولاً عما كان متوقعاً\" او عما حدث ولم يكن متوقعاً.

ويمكن القول ان المساءلة او المحاسبة تعبير عن \" التزام منظمات الادارة العامة بتقديم حساب عن طبيعة ممارستها للواجبات المنوطة بها بهدف رفع الكفاءة والفعالية لهذه المنظمات وهى منظومة تضم اليات وعناصر لضمان النزاهة والشفافية والقضاء على الفساد الإدارى وتحقيق الصالح العام\".

اهمية المساءلة او المحاسبة:

ترتبط المساءلة او المحاسبة فى الادارة العامة بديمقراطية الإدارة العامة ولها اهمية فى تحديد قدراتها على تنفيذ السياسات العامة.

هناك وظيفتان للحكومة فى الدولة الحديث:

الاولى: وظيفة سياسية تتعلق بتقرير الاهداف العامة للدولة ومراقبة تنفيذ هذه الاهداف وتحقيقها بالكفاءة المطلوبة.

الثانية: والوظيفة إدارية وتتعلق بتنفيذ الاهداف العامة وتطبيقها ووفق هذا التصور يقوم النظام السياسى عن طريق الحكومة بتحديد السياسة العامة \" الغاية\" ثم يقوم الجهاز الإدارى باختيار الوسيلة التى تحقق هذه الغاية.

وبالتالى الجهاز الادراى جهاز تنفيذ وليس جهاز حكم ويحتاج الى مساءلة النظام السياسى على نتائج اختبار وسائل العمل.

ظهرت مشكلة الثنائية التقليدية بين السياسة والإدارة عند التطبيق وتعرضت لمراجعات كثيرة اهم مظاهرها ما يلى:

1. السلطة التشريعية تفوض سلطة صنع اللوائع والقرارت الى سلطة التنفيذية والتى تقوم بتفويضها للجهاز الإدارى.

2. الجهاز الإدارى وظيفة شبة قضائية وذلك بتوقيع العقوبة على من يخالف اللوائع والقرارت.

3. إتساع ظاهرة الفساد فى الدول النامية والمتقدمة ناتج من ضعف اوغياب الإطار السياسى والقانونى والإدارى الذى يخضع الإدارة للمساءلة او المحاسبة وبالتالى تفصيل الآدارة العامة يعد من مدخل للحد من الفساد.

4. إنتشار السلوك غير الاخلاقى فى الإدارة العامة خاصة المحسوبية والمحاباة والإخلال بمبداء تكافؤ الفرص والتفرقة ضد جماعات معينة وغياب روح الخدمة المدنية فى الوظيفة الحكومية وتحول علاقة المواطن بالادارة العامة الى علاقة\" التابع بالسيد \" لذا يسود عدم الثقة بين المواطن والإدارة.

5. عدم فهم الإدارة العامة لمفهوم الصالح العام مما يجعل الإدارة العامة تفرض نظرتها الضيقة الاحادية حتى لو خالفت توجهات القيادة السياسية لذا لم تعد البيروقراطية او التقليدية اداة مهنية محايدة بل اصبحت جماعة مهنية لها مصالح خاصة .

6. يسود إعتقاد بان هناك ضعف فى كفاءة وفعالية منظمات الإدارة العامة وضعف الكفاءة يرتبط بضعف المساءلة او المحاسبة فى الإدارة العامة ( ضعف فى المؤسسات الرسمية كالبرلمان والمحاكم الإدارية والمؤسسات غير الرسمية لغياب الديمقراطية والتعددية).

مستويات المساءلة او المحاسبة فى الادارة العامة:

هناك اربع مستويات للمساءلة او المحاسبة للمفهوم الادارة العامة فى المنظمات الإدارية الحديثة وهى على النحو التالى:

1. المساءلة اوالمحاسبة التقليدية ((tarditinoal accountability:

التى تركز على مدخلات المنظمة او الإدارة العامة وتهدف الى التاكيد من إمتثال منظمات الإدارة العامة والافراد العاملين بها كل فى موقعه الوظيفى للقوانين واللوائح المعمول بها فلا يحق اتخاذ قرار مخالف للالتزمات القانونية التى تسنها مؤسسات مستقلة خارج نطاق المنظمة الإدارية كالمؤسسات (التشريعية والقضائية) .

2. المساءلة او المحاسبة البرنامج ((Program Accountability :

التى تنصب على المخرجات وتركز على نتائج الحكومية حيث يتم من خلال تطبيق البرنامج الحكومية تترجم وتجسد اهداف السياسات العامة ووضعها موضع التنفيذ ويكشف هذا المستوى حجم الاداء الفعلى للمنظمة الإدارية ويستخدم اساليب تقييم البرنامج واسلوب المراجعة واسلوب الإدارة بالهدف وتقييم النتائج .

3. المساءلة او المحاسبة العملية ( Practical Accountability):

تقدم وتتناول جملة من الانشطة والعمليات التى يتم من خلالها تحويل المدخلات الى مخرجات وتستخدم عدد من المؤشرات والمعايير الكمية للمستفيدين من برنانج معين ومقارنته بالعدد الكلى للمستهدفين وهناك معايير غير مباشرة مثل مشاركة المواطنين واللامركزية فى التخطيط والادارة وتحصى الموارد من المركز الى الهيئات المحلية فى تعزيز قدرة الافراد فى مساءلة القيادة .

4. المساءلة او المحاسبة الاجتماعية( social accountability ):

تعنى بالمسائل الاستراتيجية وتركز على المخرجات وتهتم بالاثار المجتمعية للبرنامج الحكومية ويمكن دراستها من خلال ثلاثة مجالات وهى :

(ا) القيم : تشمل تقليل الفجوة المتزايدة بين الاغنياء والفقراء فى مجتماعتها وتقليل الفوارق الطبقية والاجتماعية وتعزيز التعددية الثقافية والتماسك الإجتماعى وتعزيز المساواة.

(ب) البيئة: وتشمل الحفاظ على البيئة ارضاً وتاريخاً بعيداً عن التلوث .

(ج) المستفيدين: هم المواطنين ويشمل تمكينهم من الاتصال والاستفادة بموارد مجتمعاتهم بصورة افضل وترتبط المساءلة او المحاسبة الاجتماعية بحقل التنمية الاجتماعية وما حدثت فية من تطورات بعد فشل التنمية الاستراتيجية التى اعتمدت على التخطيط المركزى وتحولت الى إشراك الافراد فى العملية وتحويلهم من متلقين الى فاعلين مشاركين متحررين.

وتختلف المساءلة الاجتماعية عن انواع المساءلة او المحاسبة الاخرى حيث تركز مستويات المساءلة الاخرى على المساءلة او المحاسبة التشغيلية) operational accountability)) او المساءلة او المحاسبة الوظيفية ( functional accountability)) والتى تعنى ان المنظمة إلادارية تباشر نشاطها بنجاج وتنفق الموارد فى وجوه الإنفاق المحددة.

هذه المستويات ذات طبيعة تصاعدية بمعنى انها تبدا من التاكيد من إتساق القرارت الآدارية مع القوانين واللوائح المعمول بها وتنتهى بالتاكيد من تحمل منظمات الإدارة العامة لمسئولياتها الإجتماعية تجاه البيئة المادية التى تباشر فيها انشطاتها بصفة عامة وتجاه المواطنين المستفيدين بصفة خاصة.

معوقات المساءلة او المحاسبة:

1 . عدم نزهه وعدالة الاشخاص المنفذين للسياسات العامة للدولة اوإلادارة او المجتمع فى اى مستوى من المستويات الإدارية والسياسية والاجتماعية .....الخ وليس فى القوانين واللوائح حيث يمكن ان تكون هناك قوانين ولوائح تنظم للمساءلة او المحاسبة ولكن قد يتم إنحرافها من قبل السؤلين والمنفذين .

2 . عدم قدرة ومعرفة الاشخاص لما يريدون ان يفعلون من الواجبات والمسؤليات والالتزمات.

3 . وجود شبكة من المفسدسن وتضامن بينهم ويقومون بحماية لبعضهم وفقاً لمصالحهم الذاتية.

وبما ان هدف المساءلة او المحاسبة هو الاصلاح لنظام الادارى والسياسى والاجتماعى ....الخ ولكى يتم الاصلاح لابد من من يريدون الاصلاح ان يكون لديهم القدرة والمعارفة والرغبة ويعلمون ما يريدون ان يفعلون وان تكون هناك دعم سياسى من اجهذة الدولة من ( مجلس الوزراء ‘ السلطة التشريعية ) وحتى على مستوى الفرد يمكن ان يتم الاصلاح اذا كان الفرد له القدرة والمعارفة والرغبة لما يريد ان يفعله .

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.