logo

أشير الي المقال /البروفيسور محمد زين العابدين عثمان 13/7/2010م بصيحفة أجراس الحرية العدد (744) (ص) 6 تحت عنوان ( الوحدة والانفصال في الميزان) الذي أكد فيه ما سماه " بدع الزمان وهوس نظام الجبهة القومية الاسلامية بأن يعملوا لفصل الجنوب حتى يقيموا...

دولة إسلامية بالسودان ، أتوا ببدعة وتقرير المصير مرة أخرى ....الخ بالرغم الاخطاء السياسية التي أرتكبها القوى السياسية السودانية سواء الحاكمة في نظام الانقاذ أو المعارضة في التجمع الوطني الديمقراطي إذا أقرت أجراء الاستفتاء للتقرير المصير شعب جنوب السودان لمرة الثانية...الخ، وأن التباكي على الوحدة الان غير مجدي....الخ . وان لابد من العمل لإقناع الجنوبيين بتأكيد الوحدة ومضار الانفصال ، وأن الحركة الشعبية بقيادة الراحل / د. جون قرنق تجاوز الامور الحالية من الفيدرالية، الحكم الاقليمي، وأهتم بدولة السودان الجديد الموحد ....الخ.) و للتعقيب عل هذا الموضوع.

إن المتابع للتصريحات والمواقف المختلفة لدى القوى السياسية في الأشهر الماضية وحتى الآن عن والمهتمين مستقبل وحدة السودان ونهاية الفترة الإنتقالية منذ بدء تنفيذ إتفاقية السلام الشامل والإتفاقيات الأخرى وخاصة إستحقاق تقرير مصير شعب جنوب السودان في 9 يناير 2011م، يلاحظ أن هناك صعوبات جمة التي واجهت القانون الذي نظمه عملية الاستفتاء...الخ، وذلك في ظل تمسك بعض الناس بوحدة السودان أرضاً وشعباً بدون إستفتاء شروط هذه الوحدة الجاذبة والإجراءات الموضوعية والإجرائية لتحول ديمقراطي حقيقي علماً بأن شعب جنوب السودان قد يلجأ لخيار التصويت للإستقلال أو إعلان الإنفصال من داخل البرلمان كما حدث في السودان في 19/12/1959م عندما أعلن برلمان السودان الإستقلال من داخله ومن ثم وافقت الحكومة المصرية والبريطانية مستفيداً من مبدأ تقرير المصير للشعوب الذي أصدرته الامم المتحدة منذ إنشاءها في 1945م، نسبة للشكوك المتزايدة لدى بعض القوى السياسية للتفادي هذه الشكوك. السؤال الاساسي الاول لمناقشة هذا المبدأ هو ما هي المصادر المشروعية للمبدأ حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان ؟ والسؤال الثاني ماهي الدوافع الحقيقية التي جعلت القوى السياسية السودانية لقبولهم مبدأ حق تقرير المصير في إتفاقيات ومقررات سابقة وإتفاقية السلام الشامل التي لم يخطر ببالهم لمخاطر الانفصال في ذلك الوقت ؟ للإجابة على هذه التساؤلات دعني أبدأ بميثاق الامم المتحدة ثم إتفاقيات ومقررات السابقة والدستور الانتقالي لسنة 2005م كمصادر أساسية.

لقد قامت الامم المتحدة من أجل تحقيق أهداف سياسية وإقتصادية وإجتماعية وثقافية وقد نصت عليها المادة الأولى من ميثاقها. ولأجل تحقيق تلك الاهداف رسمت مبادئ معينه نصت عليها المادة الاولى من الميثاق، حيث جاء في الفقرة الثانية من المادة الاولى على ان تعمل الهيئة على(إنما العلاقات الودية بين الامم على اساس إحترام المبدأ الذي يقضي بالمساواة في الحقوق بين الشعوب، وان يكون لكل منها حق تقرير مصيرها).
وبناءً على هذ الفقرة سوف نقوم في هذه السطور بإلقاء الضوء على حق الشعوب في تقرير مصيرها ومن بينها شعب جنوب السودان.
كذلك أيضاً تناول الميثاق في بعض نصوصه حق الشعوب في تقرير المصير، وكان للأجهزة السياسية للأمم المتحدة دوراً بارزاً في إيضاح معالم حق تقرير المصير خاصة الجمعية الهامة لإبراز القيمة القانونية لحق تقرير المصير.
وفي ضوء المادة 1/2 والمادة 55 من الميثاق حيث تشير المادتين بصورة واضحة وصريحة إلى حق تقرير المصير، فضلاٍ عن الإشارات الضمنية الواردة في المواد 13/1 ، 62 ومواد أخرى في الفصول 11-13 من الميثاق. وتلك النصوص بمقتضى القانون الدولي هي ملزمة للدول التي صادقت على الميثاق.
وعموماً ساهمت الامم المتحدة في توضيح مفهوم تقرير المصير وبيان صوره وأشكاله. وهناك رؤى أخرى تعتمد أن تقرير المصير قد يتحقق ببلوغ لأقليم إما مرحلة الحكم الذاتي أو الاستقلال.
وعلى ضوء ذلك يمكننا تحديد مضمون لحق تقرير المصير من ثلاثة زوايا:
الأولى: أن الممستفيدين من حق تقرير المصير هي الشعوب ذاتها، والمقصود بالشعب هنا مجموع الأفراد الذي تشكل منهم وتجمعهم روابط سياسية، تاريخية ثقافية، وغيرها وهذا يعني حق أغلبية الشعب في إطار وحدة سياسية مقبولة لممارسة سلطة الحكم.
الثانية: تطبيق هذا المبدأ ليس محصوراً على المستعمرات أو الاراضي الخاضعة للوصاية، بل تطبيق المبدأ العام، إذا يجوز تطبيقه على الاراضي المستقلة ولكن لا تتمتع شعوبهم بالإستقلال الكامل.
الثالثة: يتخذ حق المصير أشكالاً وهي إقامة دولة مستقلة وذات سيادة أو الانضمام الحر أو الإندماج في دولة مستقلة أو التحول إلى وضع سياسي آخر وفقاً لما يعبر عنه الشعب بحرية.
وفي الاطار الداخلي أيضاً هذا المبدأ قد ضمن كحقاً يمكن ممارسته من قبل شعب الجنوب في مقررات أسمرا للقضايا المصيرية عام 1995م، من قبل قوى التجمع الوطني الديموقراطي كجزء من البرامج لحل مشكلة شكل الحكم في السودان، وأيضاً إلتزمت به حكومة الإنقاذ الوطني عندما وقعت إتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997م. وعند توقيع اتفاقية السلام الشامل في يناير 2005م تم التأكيد على مبدأ كخيار يمكن ممارسته من قبل شعب الجنوب في حالة عدم جاذبية الوحدة وضمن في إطار قانون دستورالسودان الإنتقالي لسنة 2005م، وقد نص الدستور في المادة "82/ج" أن من واجبات حكومة الوحدة الوطنية "إنقاذ اتفاقية السلام الشامل بالكيفية التي وحدة السودان خياراً جاذباً،وبخاصة لمواطنين جنوب السودان، وتمهيد السبل لممارسة حق تقرير المصير وفقاً للباب السادس عشر من الدستور". ووفقاً للمادة (219) التي تنص"يكون لمواطني جنوب السودان الحق في تقرير المصير من خلال الاستفتاء لتحديد وضعهم المستقبلي" ولكن لايمكن ممارسة إلا بإنشاء مفوضية الإستفتاء لجنوب السودان كما نصت المادة (220/1) التي تنص" تصدر الهيئة التشريعية القومية قانون الاستفتاء لجنوب السودان في بداية السنة الثالثة للفترة الانتقالية" وايضاً قد نصت المادة 222 عن المدة اللازمة التي يجب إجراء الإستفتاء فيها:"يجرى قبل ستة أشهر من نهاية الفترة الانتقالية إستفتاءً بإشراف دولي لمواطني جنوب السودان تنظمه مفوضية إستفتاء جنوب السودان بالتعاون مع الحكومة القومية وحكومة جنوب السودان" "يصوت مواطنو جنوب السودان إما لتأكيد وحدة السودان، بالتصويت بإستدامة نظام الحكم الذي أرسته اتفاقية السلام الشامل والدستور أو إختيار الانفصال". أيضاً نص الدستور وحدد واجبات حكومة الوحدة الوطنية في المادة82(د)-(هـ)"القيام بحملة إعلامية في كل أنحاء السودان بكل اللغات القومية لتعريف الجمهور باتفاقية السلام الشامل من أجل ترسيخ الوحدة الوطنية والتصالح والتفاهم المشترك"." أتخاذ كل التدابير اللازمة ليسود السلام الاستقرار في كل ربوع البلاد ". واضح من النصوص الدستورية واتفاقية السلام الشامل أن الواجبات والمسؤليات الملقاة على عاتق حكومة الوحدة الوطنية خاصة في جعل خيار الوحدة الوطنية وحدة جاذبة: وللتذكير أن من مطلوبات الوحدة الجاذبة هي إقامة مشاريع قومية في المناطق التي تضررت من الحرب، تنمية متوازنة في السودان، إقامة نظام لا مركزي وديمقراطي تعددي للحكم يتم فيه تبادل السلطة سلمياً، التوافق الاجتماعي، وتعميق التسامح الديني، بناء الثقة بين أهل السودان جميعاً، الالتزام باتفاقية السلام الشامل، المصالحة الوطنية الشاملة وتضميد الجراع من أجل التوافق الوطني والتعايش السلمي بين جميع السودانيين...الخ، وعلى ضوء السياق القانوني الدستوري وميثاق الامم لمبدأ تقرير المصير للشعوب بما لايدع مجالاً للشك ومطلوبات تنفيذ إتفاقية السلام الشامل لجعل خيار الوحدة جاذباً نوضح اللأتي:

أولاً: وضح من السرد أن مبدأ شرعية حق تقرير المصير مستمد من ميثاق الأمم المتحدة الذي يلزم كل الدول الموقعة على والمصادقة عليه وبالتالي ممارسة هذا الحق من أي شعب في اي مكان في العالم لا مخالفة فيها من وجهة نظر القانون الدولي ولايتعارض مع التوجيهات الدولية والإقليمية في إتجاه التوحد والتكتل لأن هذا الاتجاه يتم في إطار الدول وليس الشعوب خاصة لعدم استيفاء شروط التوافق الإجتماعي، بناء الثقة بين أهل السودان جميعاً، المصالحة الوطنية الشاملة.
ثانياً: في الاطار الداخلي، هذا المبدأ قد تم إقراره في مقررات واتفاقيات من أطراف سودانية وحكومة السودان سابقاً قبل توقيع إتفاقية السلام الشامل التي تم التوقيع عليها في 9 يناير 2005م بنيفاشا، بشهادة الأمم المتحدة ومنظمات إقليمية مثل جامعة الدول العربية وبعض ممثلي الدول في العالم،وهذا يؤكد الإعتراف الكامل بممارسة هذا الحق، وعليه فإن الآراء الحالية الرافضة لممارسة هذا الحق بدواعي تفكيك السودان وربطها بأشياء أخرى غير منصوص عليها في الإتفاقية كمرجع أساسي لدستور وقول البروفيسور/محمد زين العابدين "بأن هناك خطأ من القوى الساسية من الحكومة والمعارضة لقبول حق تقرير المصير لمقررات وإتفاقيات سابقة" ماهي إلا نوع من التراجع وعدم الإلتزام بالعهود والاعتراف وتدليس السياسي لدى القوى السياسية كما هو واضح من تنفيذ أتفاقيات السابقة والحالية من تفسيرات وعلى سبيل المثال كيف يمكن تفسير تصريحات السيد / الصادق المهدي رئيس الوزراء السابق عندما صرح في ندوة للذكرى ثورة أكتوبر عام 2005 في الميدان الشرقي بجامعة الخرطوم عندما قال" إنه لولا إنقلاب الجبهة الاسلامية عام 1989م لكان قد وقع أتفاقية مع الحركة الشعبية بدون تقرير المصير في حين أنه وقع من ضمن قوى سياسية اخرى على هذا المبدأ في مقررات أسمرا للقضايا المصيرية عام 1995م " مما يقدح في مصداقية الاطراف الداعمة لهذا الاتجاه رغم الاتفاقيات والمقررات السابقة.
ثالثاً: بشأن ركن السيادة فقد صدق السيد/ رئيس الجمهورية ومرشح المؤتمر الوطني في الانتخابات السابقة عندما صرح بعد توقيع الاتفاقية بأن إستقلال السودان قد إكتمل بتوقيعهما لأن السيادة مرتبطة بسلطة الدولة الكاملة على ترابها والتي تستمد شرعيتها من القوانين والمشروعية لإنجاز كافة القرارات. ولكن كما هو واضح من التطورات الحالية التي حدث من عدم إتفاق القوى السياسية في الفترة الماضية لحل المشكلات ينتقص من سيادة الدولة لأن السيادة ذاتها مرتبطة بالمسؤوليات والواجبات والخدمات التي تقوم بها السلطة المسؤولة عن السيادة في الدولة بالتالي وجود بعض المناطق خارج نطاق سيادة الدولة كما هو الحال في (حلايب) حالياً والواقع الحالي والمؤشرات المستقبلية بعد الإنتخابات ونزاعات وتوترات قبلية وإجتماعية في مناطق أخرى (دارفور) ينتقص من سيادة الدولة حيث لايمكن أن تكون هنالك وحدة وطنية حقيقية في حين أن هناك مناطق خارج سيادة الدولة وحرب مستمرة في بعض أجزائه.
رابعاً: حدد دستور السودان الانتقالي 2005م في المادة الاولى فقرات(1-3) شكل الدولة ووصفها بأنها:" وطن واحد، مستقل، السيادة للشعب، لا مركزية في الحكم، ديمقراطية" وواضح من النص الدستوري والممارسة العملية والواقع الذي نعيش فيه حالياً أن شكل الدولة في إطار نظام الحكم وشكله في الشمال والجنوب مختلفان إقتصادياً، سياسياً، إجتماعياً، حيث أن في الجنوب النظام السياسي علماني وإقتصاده راسمالي والقوانين الاجتماعية مستمدة من الأعراف والمبادئ القانونية العالمية بينما في الشمال كل القوانين الاقتصادية والاجتماعية محكومة بضوابط الشريعة الاسلاميةأي بمعنى أن وطن واحد ذات نظامين مختلفين وفي ظل هذا الاختلاف الواضح بين النظامين أن هنالك إتجاه لزعزعة الوضع في السودان في ظل التطورات الحالية نسبة لعدم الشفافية المطلوبة للإجراءات التي تمت لتحول ديمقراطي وهذا الاتجاه في تقديري لا يدعم الوحدة الوطنية لأنه يؤدي إلى خلق عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني ويؤدي إلى عدم الوصول حتى نهاية الفترة الإنتقالية بصورة هادئة.
خامساً: كانت من ضمن واجبات حكومة الوحدة الوطنية السابقة إنفاذ اتفاقية السلام الشامل بالكيفية التي تجعل وحدة السودان جاذبة ولكن حكومة الوحدة الوطنية وفقاً للدستور المادة(80) (أ)-(د) تمثل ( 70% منها للشمال و30% منها للجنوب) بمعنى أن هذه النسب لحكومة الوحدة الوطنية بمفهوم الشمال والجنوب يوضح أن 70% منها تمثل الشمال و30% منها تمثل الجنوب، وفي تقديري إذا كانت هنالك إرادة حقيقية للقوى الشمالية التي كانت موجودة في حكومة الوحدة لتنفيذ إتفاقية السلام الشامل بالكيفية التي تجعل وحدة السودان خياراً جاذباً في ظل حكومة الوحدة الوطنية منذ بدأ تنفيذ الإتفاقية ةالإتفاقيات الأخرى كانت يمكن أن تصبح الوحدة حاذبة في ظل وجود نسبة 70% التي تمثل الأغلبية الشمالية في الحكومة التي يمكنها إعداد مشاريع قوميه وبرامج ومطلوبات للوحدة الجاذبة التي أقرت بها الاتفاقية والدستور الإنتقالي، وربما رجحت تلك خيار الوحدة الجاذبة وغيرت مشاعر كثير من المناطق التي تضررت من الحرب في ظل الحكومات السابقة. وفي تقديري أن أصابع الاتهام تشير إلى القوى التي كانت نسبة 70% من الحكومة الوحدة الوطنية مباشرة بكل مكوناتها السياسية وليس الإجتماعية.
سادساً: المخاوف التي يتحدث عنها البعض بأن الجنوب إذا تقرر مصيره سيكون دولة مغلقة أو فاشلة أمنياً. هذا المفهوم غير صحيح فمثلاً بعض الدول في العالم خاصة في غرب أفريقيا ليس لها منافذ بحرية كما هو الحال الجارة الغربية تشاد الولة الوحيدة التي لها حدود تم تحديدها من بين الدول المجاورة للسودان منذ الاستقلال. فهذا السبب ليس سبباً جوهرياً لعدم قيام حق ممارسة تقرير المصير. أما بخصوص النزاعات القبلية فأن المتابع يلاحظ أن هذه التوترات ليست محصورة حالياً في الجنوب بل هنالك مناطق أخرى خاصة في غرب السودان قد شهدت نزاعات أدت إلى فقد أرواح عدد من المواطنين بأسباب كلها معروفة للجميع خاصة ان السلطات الرسمية لاتساعد المواطنين في حل تلك النزاعات، لايمكن إنكار أن النزاعات قد تحدث داخل الدول المستقرة حتى الولايات المتحدة الامريكية بعد إستقلالها من بريطانيا في 4/7/1776م قامت الحرب الاهلية فيها لمدة 10 سنوات. يلاحظ أحياناً أن مصدر هذه النزاعات يرجع الى السلطات المركزية خاصة ان المليشيات العاملة حالياً في جنوب السودان قد ظهرت تبعاً لإتفاقية الخرطوم للسلام التي كان من المفترض حلها بعد إتفاقية نيفاشا 2005م لكن تم إستيعاب معظمهم كقوات مشتركة وجلهم جنوبيون وبالتالي السؤال الجوهري لماذا يتم تمثيل الشماليون في القوات المشتركة من قبل الجنوبيين مقابل قوات الحركة الشعبية التي جلهم الجنوبيين؟ هل يمكن ان تكون القوات المشتركة نواة الجيش السوداني من الجيش الشعبي من الحركة الشعبية والطرف الحكومي من المليشيات التي جلهم جنوبيين إذا تقررت الوحدة؟ وفي تقديري هذا الخطط والإستراتيجيات لا تساعد على الوحدة وهذا المنحى كان غير موفق في تنفيذ اتفاقية السلام.
سابعاً: في نهاية عام 2004م دار نقاش في المنابر السياسية بين الذين كانوا ينتقدون وجود حق تقرير المصير وقوات الجيش الشعبي في مستويات مختلفة بنود الاتفاقية وأن هذا الوضح يكرث لإنفصال الجنوب وقد رد أحد كوادر المؤتمر الوطني آنذاك أن هدفهم فقط هو إيقاف الحرب. ولكن المتابع بعد إيقاف الحرب بعد رحيل د.جون قرنق المفاجئ يلاحظ ان حزمة عدم الثقة والإلتزام بتطبيق الاتفاقية بدءاً بعدم أيلولة وزارة الطاقة للحركة الشعبية وما تبع ذلك من مشاحنات وملاسنات بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية فضلاً عن الاختلافات الكثيرة في اطار تطبيق إتفاق نيفاشا ويتفرج القوى السياسية الاخرى وعدم تدخلها في ذلك الوقت المبكر من بداية تنفيذ الاتفاقية ويبدو أن هنالك خطط كانت معدة في الحسبان سواءً كان ذلك داخلياً أو خارجياً لكي يتم التوصل الى الوضع الذي نتحدث فيه بلغة واساليب مختلفة عن نصوص الاتفاقية بخطورة الوضع في السودان كدولة مع العلم أنه كان من المفترض أن نتفادى هذه المرحلة إذا تم تنفيذ الاتفاقية والاتفاقيات الاخرى بنية صادقة والإلتزام بالمواقيت والجداول التي حددتها الاتفاقية للقيام باي نشاط من المناشط خاصة للذين يمثلون نسبة 70% من السلطة.
ثامناً: في تقديري أن المستفيدين من حق تقرير المصير هم شعب الجنوب في إطار وحدة سياسية معقولة لممارسة سلطة الحكم خاصة أن تطبيق هذا المبدأ عام ويجوز تطبيقه على الاراضي المستقلة كما كان الحال في إثيوبيا حيث نالت إريتريا الاستقلال عن طريق تقرير المصير لشعبها مستفيده من ميثاق الامم المتحدة.
أيضاً في 12/2/1951م وقعت اتفاقية تم بموجبها منح السودان حق تقرير المصير في خلال ثلاث سنوات كفترة إنتقالية وبموجب ذلك قامت الحكومة بالإشراف على إنتخابات سياسية في السودان في نهاية عام 1953م وتم تعيين أول حكومة سودانية في 9 /يناير/ 1954م والذي يصادف 9/1/2011م وفي نفس الوقت وافقت كل من مصر وبريطانيا على الانسحاب من السودان في 12/11/1955م . وفي 19/12/1955م أعلن البرلمان السوداني السودان دولة مستقلة رسمياً في 1/1/1956م وأصبح عضواً في الامم المتحدة في 12/11/1956م. واضح من كل الاجراءات التي قامت بها مصر وبريطانيا من تسهيل الاجراءات لممارسة حق تقرير المصير ولم يحدد إجراءات لربطها بأشياء أخرى رغم ان المصريين لهم قواسم مشتركة من ثقافة ودين ولغة مع بعض المجموعات السكانية بالسودان وقد وافقوا على ذلك برغم علمهم بأن السودان من حيث الامكانيات المادية، المساحة، المياه، الارض أفضل بكثير من مصر، وبالتالي لايمكن منع وتهديد أصحاب المصلحة الحقيقية من ممارسة حقهم في ظل وجود دولة واحدة ظلت وما زال يتنازع مواطنيها في أمور تم تجاوزها من بعض الدول التي نالت إستقلالها بعد السودان. واضح أن القائمين على أمور الدولة منذ إستقلالها وحتى الآن غير مستعدين لتقديم أطر واقعية يمكن أن يمكن ان يوافق عليها الجميع وبذلك على الشعب الجنوبي كافة الراغبين في ممارسة هذا الحق عليهم القيام بحملة بتوعية للمواطنين السودانين لشعب الجنوب لتوضيح فوائد مبدأ حق تقرير المصير نسبة لفشل الدولة لوضع معايير موضوعية للوحدة القومية الجاذبة إجتماعياً وسياسياً وإدراياً وتنموياً.
تاسعاً: يعلم الجميع أن الاستفتاء سيتم بإشراف دولي والذي تنظمه مفوضية إستفتاء جنوب السودان بالتعاون مع حكومة الوحدة الوطنية وحكومة حنوب السودان لتأكيد وحدة السودان وإستدامة النظام الذي ارسته الاتفاقية والدستور أو إختيار الإنفصال. وحتى الآن لاندري كيف سيتم إجراء الاستفتاء في ظل التوترات والشكوك بدواعي عدم النزاهة والشفافية التي تدورحالياً بين القوي السياسية. والمؤشرات الحالية التي ادت الى تمرد بعض الاشخاص بجنوب السودان بدعاوي الوحدة ولذلك إذا تم تقييم السلام كهدف إستراتيجي لمشروع الدولة تقييماً مرحلياً إذا كان قد حقق أهدافه والاغراض التي هدفت إليها قد يحصل المرء ان السلام لم يحقق أهدافه بصوره مرضية والدليل على هذا هي المخاوف والتصريحات المتضاربة للمواقف المختلفة من قبل المسؤلين والسياسيين بمستقبل البلاد بشأن وحدته كدولة واحدة وتقرير مصير جنوبه وهذه التصريحات المختلفة والمخاوف هي نتيجة لتشوهات في تطبيق الاتفاقية. وفي تقديري إذا كان تمت تطبيق الاتفاقية، نصاً روحاً بالصورة المطلوبة لكانت المصلحة لشعب الجنوب والمناطق التي تضررت بالحرب بصفة خاصة والشعب السوداني بصفة عامة. ولذلك على الجميع القبول بالنتائج التي نتجت من عدم الإلتزام بالمواثيق حيث لايجدي مدى الفترة الانتقالية المتبقية أو مدة فترة تقرير المصير أو تأجيلها طالما لم تتوفر الارادة السياسية من القائمين على أمر الدولة بدواعي تفكيك السودان.
الجدير بالذكر ان اتفاقية أديس أبابا مارس 1972م لقد تم إفتتاح عدد من المدراس في الجنوب من بين هذه المدارس المدرسة الابتدائية بليلو غرب ملكال التي دخلت فيها بعد توقيع تلك الاتفاقية تم تشييدها في عهد الرئيس الراحل/ جعفر محمد نميري وكل الاستاذة في تلك المدرسة كانوا شماليين وقد تم إقامة عدد من المهرجانات بغرض التبشير بالسلام من الرئيس الراحل/ جعفر محمد نميري واللواء جوزيف لاقو وحتى الآن ونحن في نهايات الفترة الانتقالية لم يتم إقامة أي مهرجان أو نشاط ثقافي أو مشروع تنموي كبيرة من قبل حكومة الوحدة الوطنية كجزء من إلتزاماتها الدستورية تجاه السلام وحتى الوعود والمشاريع التي أعلن عنها لم ترى النور وحتى لو كان ذلك في ولاية واحدة فقط إلا في الأيام الماضية ولذلك يتساءل المرء كيف تصبح وحدة السودان التي نتمسك بها بدون الخدمات العامة المتوازنة؟ أين كان دور منظمات المجتمع المدني المتمثلة في الاحزاب السياسية ورجال الاعمال الوطنيين الذين كان من الممكن أن يقدموا المشاريع مثل المراكز الصحية، المياه، بناء المدارس في الجنوب...الخ، وحتى الانتخابات السابقة كانت جزء من إلتزامات اتفاقية السلام الشامل قد إختلفت القوى السياسية حولها بعدم الاتفاق على التعداد السكاني، السجل الانتخابي،توزيع الدوائر الجغرافية، ومطلوباتها الموضوعية والاجرائية مما أدى إلى مقاطعة بعض القوى السياسية لها لذلك ما جدوى الاتفاقية السابقة والمستقبلية إذا لم يؤدي إلى تحول ديمقراطي وتداول سلمي لسلطة الحكم؟
عاشراً: أخيراً بعد رحيل النائب الاول لرئيس الجمهورية المفاجئ د. جون قرنق توصلت إلى إستنتاج عقلياً في 31/7/2005م ان إذا كان هنالك أيادي وراء غيابه في الساحة السياسية سواء كانت هذه الايادي داخلياً او خارجياً أن الهدف وراء ذلك ذلك الغياب ماهو إلا لإفشال لعملية السلام والمتضرر الوحيد من ذلك هو السودان في استقراه سياسياً وإجتماعياً وإدارياً وأمنياً بصفة عامة وبالتالي المؤشرات الحالية التي اصبح بعض الاشخاص يتحدثون عليها واقعية بالرغم سعادة البعض لغيابه من المسرح السياسي. وعموماً هنالك ضرورة لتكاتف القوى السياسية لإيقاف الحرب في دارفور وإلغاء أو تعديل كل القوانين المخالفة لاتفاقية السلام والاسراع بالمصالحة الوطنية وإتاحة الفرص في اجهزة الاعلام الرسمية لكل القوى السياسية للإدلاء بأرائها بصورة شفافة للرأي العام والاتفاق على كيفية إجراء كل المطلوبات للإتفاقيات بعيدأ عن روح الانتماءات الجهوية وعدم تقسيم لبعض القوى السياسية وتعريضاً للبعض أو تصويرها بأنها تحمل أجندة خارجية وأخرى وطنية وبالتالي يمكن ان تكون هناك أمل للإستقرار والتوصل إلى إحتمالات عدم تفكك الدولة على أساس مجموعات عرقية، ثقافية، دينية، جهوية،أكثرية، أقليمية كما هو واضح حالياً ومستقبلاً ولابد ان يتم وضع خطة تنموية شاملة للخدمات العامة من صحة، تعليم، مياه، المشاريع الانتاجية- توجه فيها كل جهود الدولة لولاية واحدة سنوية على مستوى كل السودان مع مراعاة كل ولاية حسب ظروف الحاجة بدلاً من الصراعات التنموية الحالية والسابقة وفقاً للمراكز السياسية للإشخاص المنفذين في السلطة السياسية لتنمية مناطقهم كما رأيناها في الدعاية الإنتخابية السابقة.

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.

استيفن اوكوين اقويت