logo

جنوب السودانخلال هذه الأيام ظهرت تصريحات من قبل مسؤولين كبار في حكومة جنوب السودان مفاداها أن الاستفتاء قائم حتى ولو لم يتم ترسيم الحدود.

نعم الكل مع اجراء الاستفياء في موعدها المقرر. هذا بند من بنود اتفاق السلام الشامل واستحقاق من استحقاقات التي حصلنا عليها عن طريق النضال الطويل والمرير، بل أنه جوهر الاتفاق وأهم بند فيه.

لكن يجب أن ننتبه لما نقوله ونتفوه به من خلال الاعلام، لانه فخ كبير نصبه لنا أعداء السلام وهم كثر هذه الأيام. لذا أرى ان من الواجب اعطاء أولوية لترسيم الحدود لأسباب الآتي:-

أولاً :"معرفة من هو المواطن الجنوبي". لكي نحدد من يحق له التصويت، وجب علينا معرفة الحدود، فهناك تداخلاً كبيراً بين موطني الجنوب مع غيرهم من ولايات الشمال في الحدود، بل هناك توغل من قبل الشمال نحو الجنوب ومحو العلامات التي رسمه المستعمر الأول (الانجليز)، لذا كان لابد من اعادة ترسيم الحدود حسب قانون سنة 1956 لكي يأخذ كل ذو حق حقه في التصويت.

ثانياً: "معرفة معالم دولتنا القادمة". بما أن الحدود هو البوصلة التي تحدد اتجاهنا وهويتنا الجغرافية، فأنه يرسم خارطتنا في القارتنا الام، (أفريقيا). فلا يمكن أن نغفل عن موضوع الحدود ونهتم بمسألة التصويت، لانهما وجهان لعملة واحدة لا يمكن الفصل بينهما. لايعقل أن نحلم بدولة غير واضح المعالم، فعندما نقول أن هناك شمال وجنوب فلا بد من وجود علامة ما تفصل بينهما و هذا هو ما نسميه (الحدود).

ثالثاً: اقتسام الثروات. وجود أي ثروة من الثروات الطبيعية في أي دولة، يمكن أن يكون سبب نعمةً أو نغمة. بنسبة لسودان فان الثروة و اقتسامها كانت دائماً عاملاً من عوامل الحروب والشقاء. وبما أن البترول المكتشف الأن في السودان أغلبه في الجنوب والقليل منه بين الشمال و الجنوب ، نرى أن التقسيم غير عادل لأنه يعطي نسبة 50% من عائداته لكل من الشمال والجنوب على حدٍ سواء، علماً أن بترول الجنوب هو الذي يتم تقسيمه أما الذي يقع في الشمال فلا. بالتالي كان من الضروري أن يتم رسم الحدود حتى نتيقن من كمية البترول المستخرج بالجنوب. فالمعادلة تقول (كلما زاد كمية البترول المستخرج من عندنا كلما زاد عائداتنا والعكس صحيح).

من خلال هذا التوضيح البسيط يمكن أن نعرف أهمية ترسيم الحدود بنسبة لنا، نهييك عن تفادي الجدل وصراعات الحدود بعد الاستفتاء (الاستقلال). فمن هذا المنطلق أطلب من الأخوة في جوبا أن يعطوا أولوية لترسيم الحدود وترك بعض المواضيع مثل (الديون الخارجية، الجنسية، الخ) ، نعم هذه المواضيع مهم وِ ليس أهم.

سبق أن قلت أنه فخ، فالشمال يسع لتأجيل ترسيم الحدود لكي يجد سند قانوني لتمديد الاستفتاء ومن ثم تأجيلها لأجل غير مسمى، توطئة لابطالها نهائياً، على غرار ما حدث في المغرب. فقضية الصحراء الغربية في المغرب مازالت ماثلة أمامنا حتى يومنا هذا. فنضال جبهة بوليساريو ذهب هباً بسبب التماطل في ترسيم الحدود وتعريف من هو المواطن الصحراوي، وأسواء من ذلك هو أن المغرب قام بتوطين العرب في الصحراء حتى يتم تسجيلهم وسماح لهم بالتصويت في الاستفتاء. خوفي هو أن نفس السيناريو يتم تطبيقه الأن في السودان، فهل قادتنا على علم ودراية بهذه الخطط، أم أنهم ينظرون القشور وما خفى آعظم.

شول كوديت أفاج