logo

توقفت كثيراً عند فقرة وردت في البيان الذي نعت فيه حكومة ولاية أعالي النيل الراحل الدكتور سامسون كواجي وزير الزراعة و الغابات بحكومة الجنوب الذي طواه الردي باحدي مستشفي العاصمة الكينية نيروبي الاحد الماضي بعد معاناة مع مرض الكلي .

و تقول الفقرة الذي إسترعي إنتباهي في نهاية البيان الممهور بتوقيع الحاكم سايمون فوج إن حكومة ولاية أعالي النيل تبرعت بملبغ مائة الف جنيه ( مائة مليون جنيه بالقديم) لمقابلة مصروفات مراسم دفن الفقيد كواجي .

لا شك إن موت السيد وزير الزراعة و الغابات أحزن ليس فقط أسرته او رفاقه في الحركة الشعبية و لا قبيلته الفوجولو ولكن كل الجنوب و كل الذين عرفوه قيادياً من قيادات النضال.

فقد كان الرجل من قيادات الصف الاول في الحركة الشعبية و الناطق الرسمي باسم جيشها أيام الحرب حتي لحظة خمود البنادق في يناير 2005 و تقلب في الوزارة التي اوجدتها نيفاشا بعد ذلك في الجنوب حتي لحظة رحيله المفاجئ الاسبوع الماضي ، ويستحق بلا أدني رياء مراسم دفن تليق بسيرته الذاتية و بموقعه كمناضل ووزير وقيادي محترم.

لكن ما دخل سايمون كون وحكومته الرشيدة بمصروفات مراسم دفن موتي حكومة الجنوب؟ و ما هذا الكرم الحاتمي من حاكم يفشل في دفع مرتبات موظفيه في الميعاد و يحتاج عدد كبير من مواطنيه الي إغاثة عاجلة ، وهل حكومة الجنوب تعوزها المال حتي يتبرع هو بمال أولي به المنكوبين في ولايته قبل إن يموتوا من الجوع او العطش او المرض او الثلاثة معاً ، أم إن السيد الحاكم خيل اليه إنه يحكم كاليفورنيا؟

السيد الحاكم الجديد يتبرع بمائة الف جنيه من أموال الولاية لمراسم دفن وزير في جوبا ذهب الي ربه قانعاً بما حققه في دنياه ، ويرفض في نفس الوقت إغاثة و علاج و إيواء ضحايا الاحداث في مملكة شلو الذين يرقدون في العراء علي مرمي حجر من مكتبه في ملكال ، يا له من نعم الحاكم و يا له من رجل بر و إحسان يندر إن يجود به الزمان!!

هذا هو الرجل الذي قالوا عنه إن شعب أعالي النيل اتي به في الانتخابات الاخيرة بطوعه وإرادته ليبسط لهم العدل و يحارب الفساد و يحقق الامن و يوفر لهم اسباب الراحة و الرفاهية ، ها هوذا الرجل يبدأ في تنفيذ برامج حكومته المجيدة بالتبرع بهذا المبلغ من خزينة الولاية إبتغاء وجه الله كأول عمل خيري له منذ جلوسه في كرسي الحاكم في ملكال لعل الله يضعه في ميزان حسناته يوم الحساب !! و لا شك إن الرجل بدا في خطوته تلك متأثراً بأعباء منصبه السابق كمدير لمفوضية جنوب السودان للإغاثة و إعادة التعمير التي لم يسمع عنها الناس عند الحوجة !!

لا يوجد داعي في الاساس لمثل هذا العمل الذي قام به سايمون كون فوج كما لا يوجد تفسير له في عالم السياسة سوي إنه يندرج تحت مسميات الرياء و التصنع تقرباً للباب العالي هناك في جوبا.

اذا كان للسيد الحاكم فائض من الاموال في خزينة ولايته و يريد أن يسدي خدمة للرفيقه سامسون كواجي ، كان الاجدر له إنفاق هذا المبلغ في تخليد ذكراه ببناء مدرسة او مستشفي او حديقة او ملعب رياضي في اي مكان من ولايته و يطلق عليه إسم الراحل كذكري تبقي الي الابد في وجدان الاجيال شاهداً علي الرجل و عصره بل و شاهد له هو نفسه.