ولدت في مجتمع بسيط اقل مايوصف به بأنه مجتمع محافظ ,هكذا ترعرعت تلك الفتاة الصغيرة متنقلة بين مدن ولايتها المتاخمة للحدود مع الشمال , في أوائل صباها التحقت باحدى رياض الاطفال فكانت ممتازة المستوى إلي أن انتقلت إلي المدرسة الاساسية لتحرز هذه المرة...
درجة أهلتها لتدخل مدرسة ثانوية يشار إليها بالبنان في تلك المدينة , واصلت الفتاة تقدمها الاكاديمي وسط أقرانها من الطلاب والطالبات لعل المدرسة كانت مختلطة بالرغم من اعتراض النظام آنذاك , من خلال دراستها الثانوية كانت فتاة نموزجية بل تم اختيارها ذات مرة طالبة مثالية للمدرسة لتكسب بذلك ود الجميع بداية من المدير إلي آخر شخص في تلك المدرسة .
الجميع كان يكن لها الاحترام كيف لا وهي التي تأتي في الصفوف الامامية أيام إعلان النتائج وهي التي يصفق لها الجميع , هكذا وفي هذه الأجواء التي تبشر بمستقبل باهر لتلك الفتاة فقد أحرزت في آخر امتحان لها في تلك المدرسة الثانوية نسبة لم يسبق لطالب بالمدرسة أن أحرزها فانهالت عليها الهدايا وهي لا تصدق نفسها لأنها بكل بساطة بنت أسرة متوسطة الحال بل فقيرة إذ لايتجاوز دخل أبيها اليومي الخمس جنيهات .
دخلت الفتاة الجامعة هذه المرة لم تكن الجامعة متوفرة بتلك المدينة ما يتطلب الهجرة وقطع مسافات طويلة بغية الحصول على جامعة محترمة , تم قبولها في منافسة عامة في جامعة مرموقة بعدها استعدت للمغادرة لانجاز المرحلة الاخيرة من الدراسة مع الوضع في الاعتبار الأسرة التي تنتظرها خارج أسوار الجامعة لعلها تنقذ الحال المائل التي تعيشها الأسرة , جلس الأب الي ابنته قبل ان تضع يدها على الحقيبة معلنة السفر الي حيث الجامعة قال الأب:(يا ابنتي اعطيكي كل الثقة للمغادرة الي تلك البلاد المجهولة وأملي فيكي وثقتي لا يهتز فأنتي ابنتي الكبرى وسوف أصلي دائما من أجلك لتنجزي عملك وتعودي سالمة إلي الوطن ).
بهذه العبارات التي قالها الأب والدموع تتساقط من عينيه ودع ابنته وغادرت إلي حيث الدراسة , سكنت البنت في إحدى مساكن الطالبات لحظة وصولها هناك وبإشراف أسبوعي من احد أفراد الأسرة والذي يسكن تلك المدينة بدوره .
مرت السنين والأب ينتظر بل الأسرة بأكملها ثمرة ذرعها, فالأب دائما كانت تتساقط دموعه لحظة ذكر صورة ابنته وهي الفتاة التي لاتعرف ايضا حضن رجل غير أبيها كما توضح الصورة على الحائط والتي يعود إليها الأب باستمرار.
كان التواصل بين الأسرة والفتاة تتم عبر الرسائل الخطية والتي يخطها ابن الجيران والذي كان الشخص الوحيد الذي يكتب ويقرا في ذلك الحي توالت الرسائل وتبادلت الأسرة التحايا مع ابنتها بهذه الكيفية , بيد أن الأب وكل أفراد الأسرة لايعلمون التغييرات التي طرأت على مستوى سلوكيات تلك الفتاة , فقريبها الذي سافر إلي تلك المدينة لم يتعرف عليها فلونها لم يكن اللون التي سافرت بها, عاد ذلك الشخص إلي الأهل واخبرهم بما رأى إلا أن شخصا لم يعره اهتماما .
المفاجأة كانت لحظة العودة والتي انتظرتها الأسرة بفارق الصبر هذه المرة تطورت وسائل الاتصال إذ كان بإمكان الأسرة متابعة سير السيارة التي تقل الفتاة إلي حيث أسرتها , أخيرا اصطف الجميع في محطة البصات السفرية للترحيب بعودة الفتاة صاحبة الانجاز بعد إكمالها الدراسة إلا أن أمل الأسرة قد خاب , فلم يتمكنوا من التعرف على ابنتهم فلونها لم يكن اللون الذي سافرت بها لحظة مغادرتها المدينة فالبعض احتضن فتاة أخرى كانت بجوار ابنتهم , حاولت جاهدة إقناعهم بأنها ابنتهم لكن الشكوك كانت لاتزال تساور نفوس إفراد الأسرة , بعد جهد جهيد تمكنوا من معرفة العينين والشفتين والتين لم تصبهما آلة تغيير اللون الفتاكة تلك , عاد الجميع إلي المنزل بين مصدق ومكذب والحزن يبدوا جليا في أعين البعض , فالكل يبحث عن من يلوم هل تلك المدينة هي التي ارتكبت الأخطاء أم أن الفتاة وحدها ارتكبت تلك البلاوي .
حتى كتابة هذه السطور تتجول الفتاة داخل المدينة ولكن الكثيرون ممن عرفوها أيام الطفولة والمدرسة لم يتمكنوا من التعرف عليها جراء ذلك التغيير المفاجئ في إحدى نعم الخالق (اللون) بل أن مدير المدرسة التي درست بها تلك الفتاة يسأل دوما بشأنها لعله لم يتعرف عليها هو الأخر , وحتى اليوم يجتهد الكثيرون للتعرف على تلك الفتاة , ولكن لا حياة لمن تنادي.
Newer articles:
Older news items
- مبدا المساواة فى السيادة وإنقضاء الصفة الشرعية للدولة . - 11/05/2011 01:00
- جنوب السودان دولة غنية بموارد الطبيعية ولكن - 10/05/2011 01:00
- إغلاق الحدود بين الشمال والجنوب امرا مخل بالاتفاقية والدستور - 08/05/2011 01:00
- من المسؤل عن إغتيلات ابنا شلو بمدينة ملكال ؟ - 07/05/2011 01:00
- كيف قتلت امريكا اسامه بن لادن - 04/05/2011 01:00
Latest news items (all categories):
- UAE company agreed to loan $13B to South Sudan in exchange for oil - 27/04/2024 16:44
- South Sudan auditor flags spending of IMF funds - 27/04/2024 16:41
- UN Aid Trucks Held up at South Sudan Border - 27/04/2024 16:37
- South Sudanese comedians find laughs in painful past - 27/04/2024 16:34
- The DRC had the world's biggest military spend increase last year – and South Sudan was second - 27/04/2024 16:29
Random articles (all categories):
- Hon. Agel Machar Ring Is The Right Upcoming Governor To Run Gubernatorial Post Of Warrap State - 20/04/2020 14:40
- Secession Is Not Given Independence: SPLM/A Championship Without Trophy! - 01/06/2010 06:50
- Sudan crisis: What is happening in Sudan, what is the Blue for Sudan movement and why are people protesting? - 14/06/2019 06:28
- South Sudan government pledges funding for International Conference on Population and Development (ICPD) commitments on sexual and reproductive health - 17/09/2021 12:00
- UNICEF - Advertisement for Programme Assistant for Child Protection (GS-5) Juba - 25/08/2015 17:43
Popular articles:
- مفهوم التنمية . - 12/04/2011 01:00 - Read 85470 times
- مفهوم النزاع - 06/04/2011 01:00 - Read 54272 times
- Jobs Analysis Concept مفهوم توصيف او تحليل الوظائف - 01/10/2011 01:00 - Read 41892 times
- مفهوم التنمية الصحية - 31/01/2012 21:32 - Read 39754 times
- مفهوم الحكم الراشد - 23/10/2010 03:30 - Read 37700 times