logo

ظهرت فى الاعونة الاخيرة تصريحات ومواقف اقليمية وداخلية يبدو انها يحوى رفضا مبطنا للاعتراف لنتائج التى سيفضى الية الاستيفتاء تقريرمصير لشعب جنوب السودان فى 9 يناير2011’ بدواعى ان اذ ا لم يتم الإجراء بحرية وشفافية ونزاهه خاصة اذا جاءت نتائج الاستيفتاء لخيار الانفصال لتكوين دولة جديدة .

ولكن بمفهوم المخالف ما هى الصدقية للمواقف الاطراف الاخرى الداعمين للوحدة اذا تم الاجراء الاستيفتاء فى اجواء من عدم الحرية او الشفافية او النزاهه وافضى الى الوحدة؟ . وما موقف الانفصالين تجاه الوحدة التى سييفضى بنتائج من  اْجراءا لاستفتاء فى اجواء غير نزيه وعدم الشفافية والحرية؟

وفى هذه السطور سنقوم بعرض لمفهوم الاعتراف الدولى وفقا لقانون الدولى وتطبيقاته وما نصت علية ميثاق الامم المتحدة من اجراءت وشروط قبول او اكتساب العضوية فى المنظمة الدولية.

ان ذاتية الدول الجديدة التى تنتمى للمجتمع الدولى ظلت مستمرة وعددها ليست ثابيتين, وان مسيرة التاريخ تفرز بالضرورة العديد من التغيرات ,وقد تتفتت الدول اوتنفصل فى شكل عدد من الدول الجديدة ’ وقد تحصل الاقاليم التابعة لدولة على مركز الدولية عن طريق التحرر والانعتاق.

لا شك ان الاعتراف من اهم الموضوعات التى يهتم بها القانون الدولى وهو مسالة تتعلق بالساسية العامة اكثر منه بالقانون. وتتكيف سياسة الدولة التى تعترف فى الاساس بضرروة حماية مصالها الخاصة التى تسند على المحافظة بالعلأقات طيبة مع اى دولة جديدة التى من المحتمل ان تشكل حكومة مستقرة ودائم باضافة الى اعتبارات اخرى مثل التجارة او الاستراتيجية التى يمكن ان تؤثرعلى اى دولة بحيث تدفعها الى الاعتراف. ولكن هنالك انوع متباينة من الاعتراف مثل: الاعتراف بدولة جديدة او الحكومات الجديدة لدولة قائمة اصلا او كيانات يكون لها حقوق الداخلة فى الاحتراب او كيانات لها الحق ان تكون بمثابة حكومات ...الخ. ومن وجه نظر القانون الدولى وتطبيقاته الخاصة بالاعتراف, لابد من مراعاة قواعد الدبلوماسية – بمعنى ان الدول قد يتاخروا او ترفض الاعتراف ثم تتراجع فيما بعد للاعتراف للمبرراتها الخاصة.

اما من حيث الشكل والموضوع , لقد ظلت الاعتراف فى الاساس تصرفا دبلوماسيا من جانب واحد تقوم به دولة او اكثر, ولا يوجد بعد اجراء جماعى موحد قائم على اسس ومبادى قانونية لمنح الاعتراف بالرغم من الشروط الواردة فى المادتيين 3و4 من ميثاق الامم المتحدة الخاص بقبول عضوية الدول فى المنظمة قد ترقى عرضا ان تكون بمثابة شهادة بالاعتراف بصفة الدولية.

ولقد حاولة معهد القانون الدولى تعريف الاعتراف بدولة الجديدة بانه:"التصرف الحرالذى تعترف بموجبه دولة او اكثر بوجود مجتمع انسانى منظم سياسيا فى اقليم محدد ويكون مستقلا عن اى دولة اخرى قائمة كما يكون قادرا على الوفاء بالاتزامات التى يفرضها القانون الدولى وعلى ان يكون قد قصد ذلك التصرف الاعتراف من اعتبار تلك الدولة عضوا فى المجتمع الدولى".

والاعتراف قد يكون صرحة اى ان يكون عن طريق اعلان رسمى بشكل مذكرة دبلوماسية او رسالة شخصية من راس الدولة او وزير خارجية او اعلان من جانب برلمان اومعاهدة. وقد يكون الاعتراف ضمنيا ويتم من خلال ممارسة علاقات معينة قائمة بين الدولة التى تعترف والدولة الجديدة. ويتعلق بنية وقصد الدولة التى ضمنت الاعتراف عندما تشير الظروف على نحو واضح وصريح وجلى بان النية تتجة نحو تاسيس علاقات رسمية مع الدولة الجديدة عندما تدخل معها فى شكل من اشكال العلاقات .

وهنالك صور اخرى من الاعتراف وهى الاعتراف الجماعى التى يتم فيها عبر منظمة دولية وقد ياخذ شكل إعلان مشترك بصورة من مجموعة من الدول ان تصبح الدولة الجديدة طرفا فى الاتفاقية.

وبذلك فان طريقة الاعتراف ليس مهمة طالما عبرت الدولة بطريقة واضحة عن نياتها للدولة المعترفة ولا توجد فى القانون الدولى قواعد تقيد من شكل او طريقة التى يصدر بها الاعتراف.

والغرض من الاعتراف : هو ابتدار علاقات رسمية مع الدول التى يتم الاعتراف بها ’ وهو فى اغلب الاحوال موضوع يتعلق بالسياسة الدولة العليا بحيث يكون لكل دولة ان تقرر لنفسها فى شانه – بمعنى ان الاعتراف اختيارى وليس الزميا.

اما من حيث التطبيق فان الحالات الشرعية الوحيدة التى تضنمت على وجة اليقين اعترافا قانونيا هى:

1. الابرام الرسمى لاتفاقية ثنائية بين الدولة التى يعترف بها والدولة التى تعترف باعتباره امر مميزاً مثلا اتفاقية التجارة بين البلدين ...الخ.

2. الابتدار الرسمى لعلاقات دبلوماسية بين الدولة التى يعترف بها الدولة المعترفة.

3. ان تصدر الدولة المستقلة الاذن القنصلى لقنصل دولة غير معترف بها لكى يشرع فى مباشرة مهامة القنصلية فيها.

وبشان إكتساب العضوية بصورة عامة فى الامم المتحدة(الاعتراف) تكتسب الدولة عضويتها عن طريق العضوية الاصلية او الانضمام’ ولقد نصت المادة الثالثة من الميثاق على ان "الاعضاء الاصليون للامم المتحدة هم الدول التى اشتركت فى مؤتمر سان فرانسيسكو’ والتى توقع هذا الميثاق وتصادق علية طبقا للمادة/110 وكذلك الدول التى وقعت من قبل تصريح الامم المتحدة الصادرة فى اول يناير سنة 1942’ وتوقع هذا الميثاق وتصادق علية.

وبشان عضوية بالانضمام فقد نصت المادة / الرابعة من الميثاق على ان:

1. "العضوية فى الامم المتحدة مباحة للجميع الدول الاخرى المحبة لسلام’ والتى تاخذ نفسها بالالتزامات التى يتضمنها هذا الميثاق ’ والتى ترى الهئية إنها قادرة على تنفيذ هذه الإلتزامات وراغبة فية" .

2. " قبول إيه دولة من هذه الدول فى عضوية الامم المتحدة يتم بقرار من الجمعية العامة بناء على توصية مجلس الامن\".

ويتضع من هذا النص ان العضوية بالانضمام فى الامم المتحدة تعتمد على شروط موضوعية وشكلية اواجرائية تتمثل فى الاجراءات اللآزمة لقبول العضوية.

الشروط الموضوعية:

تشرط المادة/ الرابعة فى فقراتها الاولى ان يتوافر فى طالب العضوية خمسة شروط وهى:

- ان يكون طالب العضوية دولة – فالعضوية تقتصر على الدول دون غيرها من الجماعات اوالوحدات السياسية ’ ولا يترتب على قبول الدولة فى الامم المتحدة الاعتراف الدولى بها بوصفها دولة ذات السيادة من جانب الاعضاء المجتمع الدولى ’ وإنما يترتب للدولة حقها فى التمتع بالحقوق والالتزمات المترتبة على العضوية. فانضمام الدولة للامم المتحدة يحتم على جميع الدول الاعضاء معاملتها بوصفها عضواً فى المنظمة لها مالهم من حقوق وعليها ماعليهم من إلتزمات دون ان يحتم ذلك اعتراف الدول بتلك الدولة بوصفها دولة ذات سيادة.

- ان تكون الدولة محبة للسلام- هذا الشرط اثار ويثور عديد من التساؤلات حول مفهوم الدولة المحبة لسلام ومقاوماتها؟. لا توجد اى اشار فى الميثاق حول مقومات الدولة المحبة لسلام ’ والواقع من الصعب وضع مدلول محدد لهذا العبارة ’ فهو شرط سياسى بحت يعطى الجمعية العامة سلطة تقديرية واسعة عند قبول العضوية دون ان يرتكز على اسس قانونية او موضوعية.

- ان تقبل الدولة الالتزمات الواردة فى الميثاق – هذا الشرط يرتكز على اسس قانونية او موضوعية’ يتمثل فى إعلان الدولة- وفقاً لأوضاعها الدستورية- قبولها اللالتزمات الواردة فى الميثاق وتعهدها بتنفيذها دون تحفظ ’ وهذا الشرط يعيد تطبيقاً لفكرة التنظيم الجماعى التى تفضى بقبول الدولة لنظام الجماعى المشترك.

- ان تكون الدولة قادراً على تنفيذ الالتزامات الواردة فى الميثاق – ويعنى ان تتوافر للدولة الاهلية القانونية الدولية التى تمكنها من الوفاء بالتزاماتها فى المجال الدولى- وبمعنى اخر ان تتوافر لها الإمكاينات المادية والسياسية والعسكرية التى تمكنها من الوفاء بالتزاماتها’ فاذا لم يتوافر للدولة تلك الاهلية او تلك الإمكانيات لا يمكن قبولها بوصفها عضواً فى الامم المتحدة.

- ان تكون الدولة راغبة فى تنفيذ الالتزامات الواردة فى الميثاق – هذا الشرط ايضاً يغلب عليها الطابع السياسى لانه من الصعب التيقن من رغبة الدولة فى تنفيذ الالتزامات ’ فالدولة طالبة الإنضمام تعلن إنها راغبة فى تنفيذ الإلتزامات الوارد ة فى الميثاق ولكن لا توجد اسس موضوعية للوقوف على مدى صدق الدول فى إعلانها عن رغبتها فى تنفيذ الإلتزامات.

الشروط الإجرائية:

نصت الفقرة الثانية من المادة/ الرابعة على ان قبول عضوية دولة جديدة فى الامم المتحدة يتم بقرار من الجمعية العامة بناً على توصية مجلس الامن. ولكن فى الميثاق لم يتضمن بياناً تفصيلياً للاجراءت التى يجب مراعاتها لقبول انضمام دولة ولكنه تركت لقواعد ولوائح الداخلية لمجلس الامن والجمعية العامة ولقد يتضع ان قبوعضوية دولة جديدة يمر بالمراحل الموضح على النحو التالية:

- تتقدم الدولة الراغبة فى الإنضمام بطلب الى الامين العام للمنظمة مرفقاً به إعلانا رسمياً بقبولها الإلتزامات الواردة فى الميثاق.

- يعرض الامين العام طلب العضوية على مجلس الامن.

- يحيل رئس مجلس الامن طلب العضوية الى لجنة قبول الاعضاء الجدد’ وهى احدى اللجان المتفرعة من المجلس وتتكون من ممثلى الدول الاعضاء فى المجلس. وتقوم هذه اللجنة بفحص الطلب وتقديم تقرير عنه الى مجلس الامن قبل بدء إجتماعات الجمعية العامة بوقت كافٍ ليتمكن المجلس من اصدار توصية الى الجمعية العامة بشان قبول الدولة الجديدة.

- تتلقى الجمعية العامة توصية مجلس الامن وتحيلها بدورها الى اللجنة السياسية المتفرعة عنها لإعداد تقرير بشانها ترفعه الى الجمعية العامة للبت فيه.

ولكن يثور التساؤل حول القيمة القانونية للتوصية مجلس الامن بقبول اعضاء جدد؟ ويتضع من لوائح الداخلية مايلى:

1. ان توصية مجلس الامن غير نهاية’ بمعنى ان للجمعية العامة السلطة النهائية فى تقدير قبول الدولة او رفضها رغم صدور التوصية بقبولها من المجلس.

2. فى حالة صدور توصية مجلس الامن بالرفض ’ فالجمعية العامة ان تقوم بفحص اسباب الرفض ’ فاذا كان لم توافق عليها احالت طلب العضوية مرة اخرى للمجلس لبحثه من جديد.

3. فاذا لم تصدر توصية من مجلس الامن ’ فلا يمكن للجمعية العامة ان تقرر قبول دولة فى عضوية الامم المتحدة – فتوصية مجلس الامن( حسب ما جاء فى الراى الإستشارى للمحكمة العدل الدولية فى 3/3/1950 تعد شرطاً مسبقاً لقرار الجمعية العامة)

فالعضوية فى المنظمة الدولية تعد من المسائل الهامة التى يحتاج فى التصويت عليها اغلبية نصت عليها فى المادة/18/2 من الميثاق ’ فيلزم لصدور التوصية من مجلس الامن موافقة تسعة اعضاء يكون من بينها اصوات الاعضاء الدائمين متفقة’ ويلزم لصدور قرار الجمعية العامة الحصول على اغلبية ثلثى الاعضاء الحاضرين المشتركين فى التصويت.

وفى هذا الواقع ’ كثيراً ما يحدث ان تحرص الدول عند التصويت على مصالها الوطنية وتفرض شروطاً ليست واردة فى الميثاق وعلى سبيل المثال لقد مارست روسيا تايخياً حقها فى الاعتراض (الفيتو) لمنع الدول الجديدة من ان تصبح اعضاء فى الامم المتحدة . ورغم الاراء القانونية الإستشارية للمحكمة العدل الدولية التى ادلت به ’ الا ان مجلس الامن وجد نفسه عاجزاً عن التصرف لقبول طلبات انضمام لبعض الدول بسبب ممارسة الدول الكبرى لحقها فى الاعتراض" الفيتو".

على ضوء السرد الواضح والبسيط لمفهوم الاعتراف الدولى لدولة الجديدة ووفقاً للمواقف الدول ومصالحها وميثاق الامم المتحدة ولإجراءات المتبعة.

وفى ضوء الإستعدادت الحالية لاجراءت الاستيفتاء تقرير المصير لشعب جنوب السودان فى 9 يناير 2011 وفى ظل الظروف والمؤشيرات الداخلية والاقليمية والدولية المتفرجة .

وعلية على حكومة جنوب السودان اذا وضعت او لم يكن قد وضعت هذه الاعتبارات فى الحسبان يجب وضها فى الاعتبار ومتابعتها وهى:

1. مواقف الاتحاد الافريقى الحالى فى الحسبان وبعض دولها التى تتخوف من نتيجة الاسيفتاء فى حالة الانفصال نسبة ً للاوضاعها الداخلية لكى لا يكون ذلك مدخلاً لعدم الاعتراف الاتحاد الافريقى بدولة الجديدة رغم ان الاعتراف يتم وفقا ً للمصالح العليا لدولة المعينة .

2. مواقف الدول العربية والاسلامية الرافضة والمعلنة برفضها لاجراءت ولنتيجة الاستيفتاء لاسباب قومية ’ سياسية ’ ايدولوجية.

3. مواقف بعض الدول الكبرى فى مجلس الامن من الاعتراض باستخدام حق (الفيتو) بعدم قبولهم الدولة الجديدة فى الامم المتحدة وفقاً لمصالها.

4. الالتزام والاستمرار لعدم الاستجابة لاى بوادر للحرب قبل وبعد اجراءت الاسيفتاء لكى لايكون مدخلا لعدم الاعتراف الدولى لدولة الجديدة.

5. التحرك دبلوماسياً معا لوفود الاحزاب السياسية الجنوبية والشخصيات الاعلامية الى كل قارات العالم لشرح اسباب ومعوقات التى جعلت شعب جنوب السودان يدعم خيار الاستقلال قبل وبعد الانفصال.

6. علي حكام ألأقليم الجنوبية تكوين وفود متضمناً مع لجان العودة الطوعية للولايات الشمالية لتوعية الموطن الجنوبى باهمية العودة الى الجنوب والمشاركة فى عملية حق تقرير المصير.

استيفن اوكوين اقويت