logo

السياسة هي فن ادارة الفرد لشئونه او لشئون افراد مجتمعه طوعا و أختيارا و بمحض حريته , علي ان تكون تلك الممارسة مبنية علي أسس و قواعد متعارفة عليها و بشرط ن تكون هذه الاسس تتناسب و تتناسق بل و تلائم الأعراف والافكار و التقاليد و الموروثات الثقافية القائمة في تلك المنطقة. و علي هذه المبادي و ألافكار و الرؤي تنشأ و تقوم التنظيمات و الأحزاب و جميع الأجسام السياسية في المجتمعات البشرية و بدونها لن تكتب لهذه الأحزاب ان تعمر كثيرا و خاصة في المجتمعات البشرية الحديثة حيث تحتدم حروب شرسة أنطلاقا من هذه المبادي .

في الدولة السودانية قامت تنظيمات و أحزاب سياسية علي أسس مختلفة و مبادئ متباينة و كانت الحصيلة مجموعة من الأجسام العقائدية و اليسارية و الديمقراطية و الديكتاتورية ولأسف لم تفرخ الآ تنظيما واحدا قويا (المؤتمر الوطني/الأنقاذ الوطني) ذات التوجه و الطابع الديني/العرقي(الأسلاموعربية) وهذه هي المصطلح المختصر لمشروعهم الحضاري التي ينادون بها و هي التي أشعلت حروبا دامية في جميع أنحاء السودان و أججت النعرات العرقية و العنصرية و جعلت من الدين مصدرا للكسب المادي و السياسي الرخيص و آلبت الشعوب العربية و الأسلامية علي شعب جنوب السودان و عانت الجنوب ما عانت من ممارستها بل من ممارسات منسوبيها من الجنوبيين الذين يحركون من علي بعد و من خلف كواليز و دهاليز النظام في المركز و اعلنت الجهاد في الجنوب و جعلت من حربها للجنوبيين مصدر و سبيلا لدخول مجاهديها للجنة و للقاء الحور الحير , عندها تدافع هولأء الموعودون بغزارة نحو معسكرات التجنيد الطوعي و الأجباري معا و تحركت قوافل و جحافل جرارة زارعة الخوف و الهلع صوب الجنوب و قضت علي اللين و اليابس و أحرقت المدن و القري وشردت ما شردت و مارست السحل و التنكيل و الذبح و التقتيل و لم تترك وراءها عمل فاحش في حق الأنسان و الا اقترفتها و عبثت في الأرض خرابا الي ان حلت نور الأمن والطمأنينة و السلام ببذوخ شمس اتفاتقية السلام في نيفاشا و لمح ابناء الجنوب بصيص أمل لغد واعد خالي من الارهاب و لا من تلك السياسات المسمومة(الأسلاموعربية) و تبين لهم نور الاستقلال من خلال ثنايا حق الأستفتاء المذمع قيامها في التاسع من يناير المقبل.

لم تكن المجتمع الدولي بعيدة عن تلك الأحداث و كانت تراقب مجرياتها عن كثب و الي حين ألقاء القبض عليها و هي متلبسة بثوب الأرهاب بايواها راعي الأرهاب الأول في العالم أسامة بن لادن المطلوب الأول دوليا , لم تتواني المجتمع الدولي في تصنيف نظام الأنقاذ هذا و أدراجها ضمن قائمة الدول الراعية للأرهاب في العالم و ما زالت حبيسة تلك القائمة الي يومنا هذا و عليه لم تصلح برامج هذا النظام للأستهلاك المحلي/الوطني و حتي لم يجدوا من يتقبلها خارجيا/دوليا عندما حاولوا تصديرها و الترويج لها بين الدول لانها تتنافي مع ابجديات الأنسانية .

عليه لا اري انه ستكون هناك مستقبل سياسي او وجود لحزب المؤتمر الوطني بصورتها الحالية في الجنوب حال أنفصالها , ليس نتيجة لعدم ديمقراطية الجنوب او عدم الايمان بالتنوع و التعدد السياسي التي هي سمة من سمات المجتمعات الديمقراطية لأني اعتقد قاطعا بان الجنوبيين يؤمنون بالمقولة:( لا تقوم ديمقراطية جادة بلا معارضة قوية) و لكنها لما اقترفت يديها من اعمال فاحشة في حقوق الجنوبيين أنفسهم و سياساتها العقائدية التي لا تتناسب / تتناسق مع طبيعة, تراث, اعراف , ثقافات جنوب السودان. انا لا اري مانعا ان تأتي جنوبي المؤتمر الوطني جنوبا و لكن بشرط علي ان تطرأ الكثير من التغييرات علي برامجهم و مبادئهم العقائدية/ الجهادية و لا يهم المسميات هنا , عليه أعتقد ان دولة جنوب السودان سوف لن تقبل باستيراد اي سلع فاسدة الي اراضيها و ان كانت تنظيمات سياسية و سوف لن تجد اي احزاب او تنظيمات سياسية مستوردة ارضية للتحرك الآ بعد مطابقاتها لمعايير السياسة التي ستخطها /ترسمها المجتمع الجنوبي في جميع مستوياتها .

ليعلم صقور المؤتمر الوطني ان الجنوبيين قد فهموا بل هضموا السياسة جيدا و يحفظون عن ظهر قلبهم أن: (الدبلوماسية هي ان تقول لكلب شرس :يا لك من كلب لطيف حتي تجد فرصة لالتقاط كتلة صلبة من الحجر) و ها نحن قد ألتقطنا كتلة صلبة/ كبيرة من الحجر كفيلة ان تقذف بالمؤتمر الوطني نحو الشمال و الجزيرة .

يا أيتها المؤتمر الوطني و جنوبيها و دعاة العنف و الشامتين علي الجنوبيين من أبناء الشمال أتركوا العاطفة قليلا فان الجنوبيين قد قالوا كلمتهم و ينتظرون ساعة الصفر للرحيل للدولة الجديدة و لم يطردهم آحد من الشمال بل هي بمحض حريتهم قرروا ترك شمالكم و عليه ليس لديهم الرغبة في الاحتتفاظ بحقوق و واجبات دولة مزقوا جنسيتها من حقنة كمال و وظائف بيشوب وجهاد حاج سوار ومصطفي اسماعيل و سموم انتباهة خال البشير و مواسير كبر بالفاشر .


أخيرا لدي سؤال بسيط جدا للسادة ألأخوة الساسة الجنوبيين بالمؤتمر عن مصيرهم المعاشية و السياسية اذا قدر للجنوب ان تنفصل و خاصة بعد تصريحات كمال حقنة ؟؟؟ آ ليس الاجدر بهم الالتحاق بأخوتهم الذين يتجهون جنوبا في غضون هذه الايام ؟ أما أنهم راضون بالبقاء كاجانب بالشمال و حينها سيكونون ضيوفا بل اجانبا من الدرجة الخامسة (حيث لا وزارة و لا يحزنون, مع أنهم من محبي الأستوزار ). و الأحتمال الثالث هو ان تجد المؤتمر تعريفا جديدا لمنسوبيها من الجنوبيين و ابقاءهم كحالة خاصة بالشمال ليكونو شوكة حوت في حلق دولة الجنوب الوليدة و الخذي و العار لكل خائن جبان و الويل لكم يا بني جلدي من هؤلاء المارقة و رب السماء سيمطرهم بوابل من اللعنات.

بقلم د.شانجوك نيوم أوين.