logo

 الأمين العام للحركة الشعبية فاقان امومإنني لا استطيع التعبير عن الفرحة التي ملأت قلبي عندما سمعت عن المبادرة البطولية التي قام بها السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية، رئيس حكومة الجنوب ، ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان الفريق أول سلفا كير عندما أعلن العفو العام لكل المنأون لحكومة الجنوب من معارضين سياسيين والقادة الذين تمردوا ضد الحكومة في الفترة الماضية سواء كان قبل الانتخابات الأخيرة أو بعدها ، وإعلانه أيضا سقف لعقد مؤتمر الحوار الجنوبي- الجنوبي وهو ما ظللنا ننادي به في هذا الموقع الفريد.

هذا الحوار الذي أسدل الستار حول مواضيعه أمس بحيث تم فيه حل كل الخلافات السياسية والعسكرية التي كانت بين الجنوبيين بعضهم البعض. ولهذا فأنني لم أتمكن من اختيار عنوان مناسب لهذا المقال لان هنالك العديد من العناوين التي يتبادر إلي ذهني بخصوص تلك اليوم التاريخي والتي فيها اجتمع كلمة الجنوب من اجل تقرير مصيره، فقد دار بخاطري تلك العناوين (الأحد التاريخي لجنوب السودان، المصالح الشاملة بين الأحزاب الجنوبية ، الأحد العظيم لوحد الصف الجنوبي، اليوم التاريخي للمصالح الجنوبية ،اللفتة الرائعة من الجنوبيين، قوة الإرادة الجنوبية تحطم صخرة الفرقة والشتات، و السابع عشرة من أكتوبر يوم تاريخي لجنوب السودان .. وغيرها من العناوين التي يمكن أن تعبر عن تلك الحدث التاريخي والتي توج بتوحيد الصف الجنوبي.

أن الذي حدث يوم الأحد الموافق السابع عشرة من أكتوبر الجاري في مؤتمر الحوار الجنوبي _الجنوبي الذي وصف البعض بأنها أول مرة يجلس فيها الجنوبيين معا من اجل مناقشة قضاياهم المصيرية والتي اظهر فيها كل الأحزاب الجنوبية المشاركة وأيضا الأحزاب القومية الأخرى اظهروا الوطنية و التفاني في حب الوطن بالإضافة للتجرد التام من المصالح الشخصية الضيقة عندما يكون الوطن هو المحك، أن الذي حدث في هذا الحوار كان لفتة رائعة اظهر فيها الجنوبيين المقدرة الفائقة لحل كل القضايا التي تكدر صفاءهم بما أوتوا من حكمة، تجلت في الرئيس القائد سلفا كير ومن ثم الاستجابة السريعة والموفقة من كل قادة الأحزاب الجنوبية والذين اظهروا فيها قدراتهم القيادية بان قبلوا الوفاق من اجل الوطن.

، هذا، فان مشهد الأحد الختامي للحوار اظهر أن معظم القادة الجنوبيين لديهم ما يكفي من الحنكة السياسية لتلافي الخلافات وأنهم يتمتعون بفطنة ودراية بقواعد الحوار الجاد وإمكانية الوصول إلي حلول لكل المشكلات التي تواجههم وتقف عقبة في سبيل تقدمهم ، مما أذهل الأعداء قبل الأصدقاء ولا سيما أن الأخبار الأولية المتسربة من المؤتمر إلي الخارج عبر بعض الوسائل المغرضة كانت تثير الحيرة و المخاوف بان هناك خلافات حادة وعميقة تنذر بفض المؤتمر دون الخروج بأي نتائج غير أن يتفق الجنوبيين علي عدم الاتفاق !! ولكن خاب ظن هولاء الذين كانوا يصيدون في المياه العكرة، وبصفة خاصة الذين كانوا يراهنون علي عدم حدوث أي نوع من الحوار بين الأمين العام للحركة الشعبية الرفيق فاقان اموم مع رئيس حزب التغيير الديمقراطي الرفيق د.لام أكول اجاوين ناهيك عن مصالحة بينهما، إلا أن العم الفاضل الشيخ الوقور الهرم صاحب الحكمة الذهبية السيد بونا ملوال قام بتفجير مفاجئة من العيار الثقيل عندما أعلن أمام الجميع قائلا:" انه اليوم لقد تم المصالح بينه مع فاقان عندما ذهب إليه برفقة الأخ السيد علي تميم فرتاك وطلبا من فاقان أن يتصالح مع أخيه لام أكول ولكن بشرط أن يتصالح أولا مع شخصه ، أي أن يتصالح العم بونا مع الأخ فاقان ومن ثم يصبح هو أي العم بونا وسيطا مناسبا لإتمام المصالحة بين فاقان ود.لام، لأنهما أصلا أصبحا متصالحان" وهكذا قبل الأخ فاقان دون تردد ومن ثم فعلاً، حدث المصالح التاريخية بين هولاء القيادات وكانت تلك هي المفاجئة الداوية التي جعل من لا يريدون الوئام بين الجنوبيين يزرعون الشكوك بان ما حدث مجرد وهمة وزوبعة في الفنجان سرعان ما يضمحل وينتهي، ولكن كان خطاب الأخ د.لام أكول واضحا ومقتضبا حيث قال بالفم الملآن أن هذه المصالحة الذي حدث بينهم مع الحركة الشعبية وقياداته أمر حقيقي لا رجعة أو ردة فيها ، وهو نفس الشئ الذي أكده العم بونا ليثبت للملأ انه رجل المواقف الصعبة.

هذا فان يوم الأحد السابع عشرة من أكتوبر يوما يستحق أن يخلد ذكراه في الجنوب ليكون عيدا قوميا في المستقبل و يطلق له اسم يوم الوحدة الجنوبية لان فيه تم كسر الجمود الذي طفح علي السطح الجنوبي وكاد أن يقلبه رأسا علي عقب، ولكن شكرا لله أولا و من ثم لكل قادة الأحزاب الجنوبية وهم يرسمون هذه اللوحة الفنية الرائعة من التوحد والتي اظهر عكس ما يشاع عننا، أننا ليسنا بقادرين علي حكم أنفسنا، ولقد سبق أن ضربنا العديد من الأمثلة الحية في ضروب الوطنية ، فأولها عندما خرجنا متماسكين بعد استشهاد الراحل المقيم الشهيد د.جون قرنق، والثانية عندما أجرينا الانتخابات وقبل الجميع بنتائجها رغم الجدل الكثيف التي دار حول نزاهتها ، وأخر تلك وليس أخيرا الموقف البطولي لشعب جنوب السودان وهو يظهر تلك البراءة في المصالحة الوطنية التاريخية الحالية ، والتي برزت للكل مقدرته الفائقة في تخطي العقب والمصائب التي تتعرض سبيل سيره نحو الحرية بخطى حثيثة من دون توتر أو انزلاق، وبلا تكدر أو ملل رغم التحديات الجسيمة التي تجابهه ، فهل سنسير علي هدى هذا الوفاق إلي ما بعد الاستفتاء؟!! هذا ما نرجوه والزمن كفيل بتوضيح كل هذه الأمور المستقبلية ، وإننا نثق في قدرة شعبنا وقياداتنا لاجتاز مرحلة الاستفتاء بسلام والتقدم نحو دولة الحرية والرخاء إذا صوتنا لانفصال أو تحت وحدة جنوبية حقيقية لمواجهة تحديات الوحدة إذا صوت الأغلبية من اجل الوحدة.

دام الشعب الجنوبي حرا قويا متماسكا ومترابطا من اجل تكوين دولته الحرة الآبية . هذه هي الخطوة الأولي نحو المستقبل المشرق ولكن مشوار الآلف ميل يبدأ بخطوة ، نتمنى توالي الخطوات الأخرى إلي أن نصل أخر محطاتنا في إخراج دولتنا إلي بر الأمان .

ودمتم مع تحياتي وموتي.