logo

قبريال تانغفي الأيام الأخيرة جرت تطورات دراماتيكية متتالية في الساحة الجنوبية صبت كلها في ماعون وحدة الصف الجنوبي ولملمة الأطراف المتصارعة في بوتقة فكرية واحدة أو سمه برنامج الحد الأدني لمجابهة تحديات المرحلة الراهنة و هي كثيرة.

لقاء نادر جمع لأول مرة منذ المفاصلة بين رئيس حكومة الجنوب و رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان وغريمه اللدود الدكتور لام أكول أجاوين رئيس الحركة الشعبية- التغيير الديمقراطي ، ثم إلتئام مؤتمر الحوارالجنوبي – الجنوبي بجوبا، فالهبوط المفاجئ للجنرال المحظور قبريال تانغ بمطار جوبا ملبياً نداء الوطن ، وقد سبقه إتصال الجنرال جورج أطور هو الأخر بالحكومة معبراً عن رغبته في العودة الي البيت و الكف عن التمرد.

كل هذا الحراك السياسي الذي ظهر فجاءة خلال هذه الفترة الوجيزة أثبت للملأ لا سيما المراهنين علي الخلافات الجنوبية – الجنوبية إن قياداتنا في المعارضة و السلطة تتمتع بالمسئولية و لها القدرة علي توحيد كلمتها عندما يجد الجد و يصبح مصير الجميع معلقاً علي وحدة الصف.

ثمة أمر مهم يجب إن نضعه في الإعتبار وهو إن هذه اللقاءات لم تكن ممكناً لو لا إعتراف الحركة الشعبية للتحرير السودان بإنها إرتكبت أخطاء سياسية في حق المعارضين لها ، و في حق مواطنين عزل في مناطق متفرقة من الجنوب جراء سياسات غير مدروسة بدقة.

كذلك لم يكن مؤتمر الحوار الجنوبي – الجنوبي ليقوم له قائمة لولا سعة صدر قيادات و قواعد الاحزاب الجنوبية التي إكتوت بنيران هذه الأخطاء و قدرتها علي نسيان الماضي و السمو فوق الخلافات الجانبية من أجل المصلحة العليا لشعب جنوب السودان!!

الجميع الأن إكتشف إن مصالحهم ومصالح الشعب مرتبطة بشكل وثيق بإقرار مبدأ الحوار و إشاعة الحريات السياسية حتي يعبر الكل عن رايه مهماً كان مخالفاً للأراء الاخرين .

و الجميع ايضاً إكتشف بعد الأحداث المريرة التي تلت فترة الإنتخابات الأخيرة في أبريل إن العنف يولد المزيد من العنف المضاد و يورد صاحبه مورد الهلاك و الخسران!!

إن المهم في هذا كله ليس هو تسجيل الاهداف في مرمي الخصم أو قراءة هذه التطورات بمنطق حسابات الربح و الخسارة ، فهذا أمر مفروغ منه و متروك أو قل إنه بائن كما الشمس بالنسبة للمواطن البسيط.

فالحركة الشعبية عندما تعترف إنها أرتكبت أخطاء سياسية ، فإنما تقر بوجود الأخر الذي وقع عليه الخطأ السياسي ، وهذا أولي شروط نجاح أي حوار ، أما هذا الأخر فيجب عليه إن يغفر هذه الاخطاء ويكفر عنها حتي تتحرك السفينة الي الامام و ترسو بامان في شواطئ الدولة الجديدة.

فاللحظة التي تمر بها قضيتنا حرجة جداً ولن نعبرها بسلام الإ بتكاتف الجميع سواءاً في الحكومة او المعارضة و كذلك الشعب.

لذلك فإن مؤتمر الحوار الجنوبي- الجنوبي الذي إنتهي مداولاته بجوبا السبت يجب الإ يكون دافعه تكتيك مرحلي من الحركة الشعبية فقط لأنها أحست بوهن و تذكرت الاحزاب الاخري ، ولكن يجب إن يكون دافعه نابعاً من رؤية وطنية مخلصة ترنو الي تحقيق الرفاهية لشعبنا عبر إقرار الإستقلال ، و من إحساس وطني بضخامة المسئولية التاريخية الملقاة علي عاتق الجميع للعبور بالقضية الجنوبية الي نهاياتها البديهية.

فليصمت من الأن سماسرة الخلافات و المروجين للفتنة ليلاً و نهاراً بين الجنوبيين، أولئك المهرجين الذين يقتادون علي النميمة في موائد السياسيين ممن لا يقدرون علي الحياة في الأجواء الصحية لضالة أفاقهم!!

كيمي جيمس أواي