مايثير دهشة المتتبع للأوضاع الراهنة في جنوب السودان لحد الغثيان , إنما الحركة الشعبية لتحرير السودان عينها , فالحركة التي كانت تنادي وتبشر بالديمقراطية وما إليها , فقد باتت المهدد الأساسي لها في أرض الجنوب , أي " حاميها حراميها "كما يقول المثل , ورسبت رسوباً مخزياً في أول إختبار لها , حيث كانت حصيلتها صفراً كبيراً .
ونحن على أعتاب تأسيس دولة " السودان الجنوبي " تبدو أنها ستؤسس على القمع والإستبداد إذا سارت الأمور على هذا المنوال . لقد فضحت الحال وانكشف المستور , فالديمقراطية التي كانت تنادي بها الحركة الشعبية لم تكُ تلك التي تستند الي تعددية حزبية تعمل بكفاءة , وعلى تجمعات مدنية تمثل مصالح مختلفة , والتي تؤكد الفصل بين السلطات من قضاء مستقل ومجلس تشريعي مؤثر يعمل دون ضغوط من السلطة التنفيذية , ومجتمع مدني نشط وحيوي يتيح بدائلاً مختلفة للمشاركة الشعبية والسياسية , وسيطرة مدنية على المؤسسة العسكرية وقوات الأمن , ووسائل إعلام حرة ومستقلة . هذا تعريف الديمقراطية حسب الأمم المتحدة في تقريرها عن التنمية الإنسانية .
لكن الحركة الشعبية تبدو انها تريد ديمقراطية النظم الشيوعية المنهارة في العام 1991 م مع نهاية الحرب الباردة , والتي سادت في دول شرق أوربا وجمهوريات إتحاد السوفييت أُ طلقت عليها " الديقراطية الشعبية او المركزية " ولكنها انهارت بالضرورة , لأنها كانت تقوم على سيطرة الحزب الواحد .
ما ذهبنا إليه لم يكُ محض خيال أو مجرد إتهام , بل قراءة حصيفة ومستنيرة لمجريات الأحداث في الساحة السياسية في جنوب السودان . فتنصل الحركة الشعبية من تنفيذ مخرجات الحوار الجنوبي - الجنوبي وإن نفت ذلك علناً فهي تفعل ذلك خفيةً , ومطاردتها للأحزاب الجنوبية وقادتها والإفتراء عليها مجاناً برميها أنها تعمل ضد مصالح شعب جنوب السودان , كذلك إعتقال رؤساء الصحف والمحطات الإذاعية ومضايقتهم وتهديدهم من قبل إستخبارات جيشها , كل ذلك وغيرها الكثير ينصب بالضرورة في محاولات الحركة الشعبية البائسة لإستبعاد الآخرين وتكميم الأفواه بغية الإنفراد بحكم جنوب السودان تحت حجج يحيكونها مجاناً يمكن أن نلخصها في أنهم ( المنزهون ) حسب عقلية بعض المتنفذين المريضة . وإلا فلماذا يجرمون الرأي الآخر ويحتكرون تمثيل الحقيقة المطلقة ؟! , أليس هذا شنقاً للديمقراطية التي طالما يتغنون بها على الأعتاب في مرأى الجميع وفي وضح النهار . فالحركة الشعبية إن لم تعدل عن هذا السبيل الردئ والدرب الملتوي , إنما تلطخ وتشين وتهين تاريخها الذي كان معتبراً .
فالعالم اليوم يهرول صوب الديمقراطية بخطىً حثيثة , ولن يبقَ الإستبداد إلا سمة للنظم الجاهلة والمتخلفة تحت إمرة قادة جهال ومتخلفين , وجنوب السودان ليس بمعزل عن العالم .
نحن الآن في أمس الحاجة إلي كل قادتنا المستنيرين من الحركة الشعبية والأحزاب الجنوبية المختلفة , هؤلاء هم مناراتنا , كما نحتاج الي إطلاق الحريات وبسطها , نتوق إلى التسامح وقبول الآخر وغرس قيم ثقافة السلام بين مجتمعاتنا , وتكفيل الحقوق وتقديس الحياة الإنسانية ونبذ كل أشكال التمييز والعنف , والتداول السلمي للسلطة ... إلخ , وهذه كلها في مجملها تشكل لحمة الديمقراطية ولكن ليست " الديمقراطية الشعبية " بل " الديمقراطية التعددية " والتي تناسب جنوب السودان المتعددة والمتنوعة والمتباينة الأعراق والقبائل وأنماط الحياة .
فالفرصة الآن لم تزل سانحة أمام الحركة الشعبية كي تستجيب لصوت العقل , والتي بدأ يتداعى ويتصدع تمثالها إزاء المواطن الجنوبي الذي ضاق ذرعاً بممارسات بعض قياداتها السُذُج , وإلا فإنها تعجل بإنهيارها , وما تمردات بعض قياداتها عليها , وتململ عدد كبير من القبائل سوى دليلاً وبرهاناً دامغاً على ذلك , مما يؤثر سلباً على ميلاد دولة " السودان الجنوبي " والتي يمكن أن تولد مصابة بسوء التغذية في ظل هكذا أمور .
وفي خلاصة هذا المقال " لا يمكن أن تنصب الثعلب حارساً للدجاج " فإن أرادت الحركة الشعبية أن تتبرأ من الديمقراطية فهي بالضرورة ستلعب دور الثعلب والذي سيفتك بالدجاج عاجلاً أم آجلاً , وإذا صارت كذلك كما تبدو الآن , فإنها ستغدو غير مؤهلة للإستمرار , حينها سيكون خيراً لها أن تترجل عن صهوة السلطة . أخيراً وليس آخرا يقول ويندل ويلكي " إننا حين ننتزع حرية من نكره , فإننا في الواقع نفتح الطريق أمام إنتزاع حرية من نحب " , وقول وتشكوك " إننا أحرار بمقدار ما يكون غيرنا أحراراً " واللبيب بالإشارة يفهمُ , ولنا عودة بمشيئة الله .
SAM CHOL DAAK
Email:This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.
لكن الحركة الشعبية تبدو انها تريد ديمقراطية النظم الشيوعية المنهارة في العام 1991 م مع نهاية الحرب الباردة , والتي سادت في دول شرق أوربا وجمهوريات إتحاد السوفييت أُ طلقت عليها " الديقراطية الشعبية او المركزية " ولكنها انهارت بالضرورة , لأنها كانت تقوم على سيطرة الحزب الواحد .
ما ذهبنا إليه لم يكُ محض خيال أو مجرد إتهام , بل قراءة حصيفة ومستنيرة لمجريات الأحداث في الساحة السياسية في جنوب السودان . فتنصل الحركة الشعبية من تنفيذ مخرجات الحوار الجنوبي - الجنوبي وإن نفت ذلك علناً فهي تفعل ذلك خفيةً , ومطاردتها للأحزاب الجنوبية وقادتها والإفتراء عليها مجاناً برميها أنها تعمل ضد مصالح شعب جنوب السودان , كذلك إعتقال رؤساء الصحف والمحطات الإذاعية ومضايقتهم وتهديدهم من قبل إستخبارات جيشها , كل ذلك وغيرها الكثير ينصب بالضرورة في محاولات الحركة الشعبية البائسة لإستبعاد الآخرين وتكميم الأفواه بغية الإنفراد بحكم جنوب السودان تحت حجج يحيكونها مجاناً يمكن أن نلخصها في أنهم ( المنزهون ) حسب عقلية بعض المتنفذين المريضة . وإلا فلماذا يجرمون الرأي الآخر ويحتكرون تمثيل الحقيقة المطلقة ؟! , أليس هذا شنقاً للديمقراطية التي طالما يتغنون بها على الأعتاب في مرأى الجميع وفي وضح النهار . فالحركة الشعبية إن لم تعدل عن هذا السبيل الردئ والدرب الملتوي , إنما تلطخ وتشين وتهين تاريخها الذي كان معتبراً .
فالعالم اليوم يهرول صوب الديمقراطية بخطىً حثيثة , ولن يبقَ الإستبداد إلا سمة للنظم الجاهلة والمتخلفة تحت إمرة قادة جهال ومتخلفين , وجنوب السودان ليس بمعزل عن العالم .
نحن الآن في أمس الحاجة إلي كل قادتنا المستنيرين من الحركة الشعبية والأحزاب الجنوبية المختلفة , هؤلاء هم مناراتنا , كما نحتاج الي إطلاق الحريات وبسطها , نتوق إلى التسامح وقبول الآخر وغرس قيم ثقافة السلام بين مجتمعاتنا , وتكفيل الحقوق وتقديس الحياة الإنسانية ونبذ كل أشكال التمييز والعنف , والتداول السلمي للسلطة ... إلخ , وهذه كلها في مجملها تشكل لحمة الديمقراطية ولكن ليست " الديمقراطية الشعبية " بل " الديمقراطية التعددية " والتي تناسب جنوب السودان المتعددة والمتنوعة والمتباينة الأعراق والقبائل وأنماط الحياة .
فالفرصة الآن لم تزل سانحة أمام الحركة الشعبية كي تستجيب لصوت العقل , والتي بدأ يتداعى ويتصدع تمثالها إزاء المواطن الجنوبي الذي ضاق ذرعاً بممارسات بعض قياداتها السُذُج , وإلا فإنها تعجل بإنهيارها , وما تمردات بعض قياداتها عليها , وتململ عدد كبير من القبائل سوى دليلاً وبرهاناً دامغاً على ذلك , مما يؤثر سلباً على ميلاد دولة " السودان الجنوبي " والتي يمكن أن تولد مصابة بسوء التغذية في ظل هكذا أمور .
وفي خلاصة هذا المقال " لا يمكن أن تنصب الثعلب حارساً للدجاج " فإن أرادت الحركة الشعبية أن تتبرأ من الديمقراطية فهي بالضرورة ستلعب دور الثعلب والذي سيفتك بالدجاج عاجلاً أم آجلاً , وإذا صارت كذلك كما تبدو الآن , فإنها ستغدو غير مؤهلة للإستمرار , حينها سيكون خيراً لها أن تترجل عن صهوة السلطة . أخيراً وليس آخرا يقول ويندل ويلكي " إننا حين ننتزع حرية من نكره , فإننا في الواقع نفتح الطريق أمام إنتزاع حرية من نحب " , وقول وتشكوك " إننا أحرار بمقدار ما يكون غيرنا أحراراً " واللبيب بالإشارة يفهمُ , ولنا عودة بمشيئة الله .
SAM CHOL DAAK
Email:
Newer articles:
Older news items
Latest news items (all categories):
- UAE company agreed to loan $13B to South Sudan in exchange for oil - 27/04/2024 16:44
- South Sudan auditor flags spending of IMF funds - 27/04/2024 16:41
- UN Aid Trucks Held up at South Sudan Border - 27/04/2024 16:37
- South Sudanese comedians find laughs in painful past - 27/04/2024 16:34
- The DRC had the world's biggest military spend increase last year – and South Sudan was second - 27/04/2024 16:29
Random articles (all categories):
- Eight doctors at Continental Hospitals give new lease of life to a 5-year-old boy from 'South Sudan' - 20/03/2021 16:27
- Egypt pushes for further water cooperation with South Sudan - 14/06/2021 21:34
- Sudan war extends migrant crisis in conflict-marred Horn states - 09/05/2023 03:11
- Covid-19: South Sudan receives additional 59,000 doses - 01/09/2021 02:35
- Hon. Machok Majong Jong is a Real Freedom Fighter - a response to Hon. Ariech Mayar Ariech - 17/07/2020 17:33
Popular articles:
- مفهوم التنمية . - 12/04/2011 01:00 - Read 85492 times
- مفهوم النزاع - 06/04/2011 01:00 - Read 54285 times
- Jobs Analysis Concept مفهوم توصيف او تحليل الوظائف - 01/10/2011 01:00 - Read 41903 times
- مفهوم التنمية الصحية - 31/01/2012 21:32 - Read 39779 times
- مفهوم الحكم الراشد - 23/10/2010 03:30 - Read 37710 times