فى الذكرى الثانية لرحيل القائد/ د. جون قرنق
حضور فكرى فى سودان جديد
حضور فكرى فى سودان جديد
كيمو أجينق أبا
ألكسندريا - فرجينيا
This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.
ألكسندريا - فرجينيا

مع بزوغ فجر أول يوم لعيد الإستقلال فى يناير 1956 لم يعلن لنا أحداً من قادة الإستقلال قيمة او مُثل عليا نحيا من أجلها فى السودان؛ كالحفاظ على الوحدة او إنهاء الفقر او المرض او المساواة لكل أبناء البلد اوتوفير التعليم او الدواء للجميع. قادة وزعماء دول إبان نيل بلدانهم للإستقلال رسموا لأجيالهم القادمة أهداف ومرامى ساروا عليها بعد مماتهم وأخذوا أوطانهم الى مصاف الدول التى ترفل بالرفاهية والعز. أما نحن، فقد نشأنا كشعب من دون هدف نتواق إليه او غاية مرسومة بدقة وعناية نجتهد فى بلوغها لأن الحسابات الجهوية كانت أكبر بكثير من لحم الوطن ودمه.
ومن حسن الحظ ان من رفع علم الأستقلال لم يكن من
طلاب المساق الأدبى، حتى تعجزه الحيلة فى الضرب والقسمة والطرح، ناهيك عن الرسم
البيانى والإحصاء او المعادلات الآنية، بل كان عَلماً فى الرياضيات ومع ذلك فشلنا
لاحقاً أمام إمتحان سودنة الوظائف، فى تقسيم بضعة وظائف لا تتعدى أصابع اليد
العشرة على تسعة أقاليم أنذاك. من هنا ما برحت الأقاليم تشتكى من الغبن والتهميش
التى تأتى من العاصمة وتتفطر فى عواصم الولايات والأقاليم
والأنكى من ذلك، ان نتوصل فى يناير من العام 2005، وبعد أكثر من خمسين سنة على الإستقلال إلى إتفاقية سلام شامل ننتزع بموجبها حق تقسيم الثروة إنتزاعاً وبعد ان يضع لنا الأجنبى أسس القسمة والتقسيم. رغم عن كل ذلك ما نزال نشتجر فى أمر القسمة وتوزيع نسب المحاصصة. والى اليوم ظلت الحال على أنها ديدنة الدولة فى عدم قضم أناملها وأظافرها التى تنهش فى حقوق أهل الأقاليم والريف لنشاهد الشرق تنتفض لذات السبب ودارفور تستعر لطمع ذات اليد. أما الشمالية فيراد لها ألا ترفع عقيرتها لا بالشكوى ولا العصيان لأن كل تأريخها وتراثها وجذورها ملك للخرطوم وأجهزتها وعليها الإيمان بلافتات التى تحمل أنبل اللأحلام بالتنمية والنهوض العمرانى. ولم يسأل مسؤلاً تنفيذياً واحداً نفسه عن: ما فائدة التنمية وإنشأ السدود إن كان المواطن لم يقتنع بعد بفوائده؟ وإن أقتنع بها لم يُؤًمَنْ له البديل من سكن ومأكل ومشرب او تعويض مجزئ يجُب عنه مرارة التهجير والهجرة ؟! ولماذا تأتى التنمية بالقوة الجبرية والقسوة المفرطة وكأن المواطن سفيها ومريض بالصًرعة؟ نذكر بأن الملامح البطولية التى حدثت فى توشكى، القرية التى أستبسل فيها ود النجومى، لم تمنع من أدعوا الوطنية من البصم على الأوؤاق التى أغرقتها. كذلك هتافات مهيرة لم ترحم أهلها لاحقاً فى الحصول على بركة ماء نقى. فأهلها اليوم فى حرمان من مياه التى تنساب عبر أراضيهم لسقى المزارع والحقول فى مصر وحينما تفيض عن الحاجة تحجز المياه لتتراجع القهقرى حتى تغمر أراضينا فنعيش ويلات الفيضانات والسيول والأمطار وجيراننا ينعم برغد العيش وإخضرار الأرض ونقول لأهلنا إنها الإبتلاءات من الله عز وجل. الناس من حلفا القديمة الى حلفا الجديدة صاروا لكن ماذا تحقق لهم بعد تشييد مشاريع المياه الكبرى والسدود العظمى؟.
من هنا تمكن المصيبة الكبرى، لأن عروقنا وجنوبنا، كما جوانحنا أصبحت تتجافى و دماء القومية والوطنية الأصيلة لذلك فشلنا فى أول معركة سياسية وتجربة حقيقية فى الإحتكام الى راى الشعب، أمام إمتهان الديمقراطية النيابية التى تركها المستمر خلفه. وبكل يسر، تم تسليم زمام الأمور فى البلد الى- آخر من يستحق ذلك، وهوالجيش او الحكم العسكرى، وذلك بعد عامين فقط من الإستقلال المجيد.
وحتى عندما نجحت الثورات الشعبية من قبيل ثورة أكتوبر 1964وإنتفاضة إبريل 1985، لم يجد الشعب المنتفض والطلبة من القادة من يحولون لهم حلمهم الى واقع معاش وحقيقة ماثلة للأعيان. لذلك أخفقت الدولة فى حل قضية الجنوب رغماً عن المؤتمرات والقرارات وأهملت كل شئ فى الجنوب حتى أثير الإذاعة القومية- راديو أمدرمان- لا تتردد ذبذباتها إلا فى الصباح الباكر ومع إنبلاج الفجر تبدأ فى الإنزواء والإختفاء رويداً رويدا، ومع ذلك نسال أنفسنا لماذا الجنوب أقرب الى دول الجوار مثل : كينيا ويوغندا وزائير؟!.ولماذا الإنفصال مرًجح فى الجنوب أكثر من الوحدة؟! وفى تحايل ذكى غبى على المسألة، تم دمغ المشكل بالجهات الأجنبية والدوائر الخارجية كترياق لضمان المساعدات العربية والإسلامية. ومنذ ذلك الوقت، كلما تاق الشعب الى الحرية جوبه بإنقلاب عسكرى يرد الجماهير الى مساكنهم، كأن الأصل فى بقاء الجيش خارج ثكناتهم -وفى مقاليد الحكم- إلى ما شاء الله.
الآن قضية دارفور أثبت بأن ما كان يحدث فى الجنوب لم يك نابعاً من نذعات إنفصالية دفينة وكراهية تجاه كل ما هو عربى إسلامى، وما ان الدرفوريين لم يرفعوا بعد شعار إنفصالياً لكن حِيًل الخرطوم قد تدفعهم الى تبنى ذلك فى يوم ما، سيما أنهم كانوا أصحاب سلطنات وممالك شهدت التأريخ بعظمتها التليدة. ولماذا تنطفئ نار الحروبات فى الجنوب لتشتعل وتضرم نيران فى أطراف أخرى؟.
الآن، وبعد خمسة وخمسون عاماً من جلاء البريطانيين، أصبحنا نصدر الآلاف المؤلفة من اللأجيئين الى دول الجوار والعالم أجمع وبأرقام تفوق كل الأعداد التى ُطردت فى العهد الإستمارى، على ذلاته. وحيثُ كان الجندى السودانى مضرب مثل فى الشهامة والبسالة والشجاعة وهو يتقدم الصفوف الإمامية للجيوش العربية التى حاربت الكيان الأسرائيلى؛ رغم الإستخفاف بمقدراته وسلاحه التقليدى وتعيره بلسواد واللون وإدعاء العروبة،نجد اللاجئ السودانى يطرق أبواب الدول العبرية ملتمساً المنام فى ديرة او خيمة لأحدى الحاخامات ليستجئير بها من نار الفتنة فى بلاده. ولا يضيره شيئاً ان وصل الى أطراف دولة بنى يعقوب جثة هامدة أردته أرضاً رصاصة مصرية لأنه يرفض العودة الى موطنه الأصلى.
الصحافة والجرائد تحولت الى مهنة خاسرة أصحابها مطاردون وملاحقون بقوة القانون والأمن ومع ذلك نتحدى الغير على المشى فى شوارع بغداد او فلسطين او أفغانستان ليلاً او نهاراً ونعجز عن إقناع وزيراً شمًر عن ساعد العدالة بعد ان أخذ القانون بيديه الإثنتين، فى مواجهة قلماً صحفياً تجرأ فقط على التدقيق فى صفقة مشبوهة. مرتكبو الجرائم والفظائع بحق المواطنين لا نقدمهم الى العدالة لنسد بذلك ذرائع التدخلات الخارجية ونجاهر بغوض غمار الوغى متى ما أستبيحت ترابنا ونسينا بأن المتدخل لم يخلق الأزمة نفسها بل يريد ان يستغل الأزمة لتحقيق ما يريد. حتى دبلوماسية المك/ نمر، ملك المتمة فى الكيد ثمً الكر والفر كان أفضل من دبلماسيتنا الحالية، فحينما تظاهر بالإنصياع والطاعة إنما كان يتهين الفرصة للرد والإنتقام، والتى عندما أتته نفذها على أكمل وجه،غاضبًا ومكرهاً العدو مما أضطره الى التصرف فى ثورة غضب جلب لاحقاً حقداً عاماً كان من أحدى مسببات ثورة الإمام محمد أحمد المهدى على العهد التركى العصملنى. دبلوماسيتنا الآن قائمة على مناطحة ديناصورات العالم وظهرنا، بل عورتنا مكشوفة. وبدلاً من البحث عن أوراق شجرة النيم نستر بها العورة ، نهرول فى الإنتصاب والتعامل بترددات الأفعال والمواقف منسيين بذلك الواجب الأول تجاه المواطن. وبغير سلاح المرواغة لم تمتهن الحكومة طريقاً إيجابياً آخر يقطع به شر التدخل. وحتماً، حينما يُعلن ساعة الصفر؛ فى واشنطن او نيويورك او حتى باريس، ويُعلن جاهزية الهجين للوصول، ستعجز الحكومة عن الصمود وتبدأ فى الإلتفات يمنًة ويًسرة فى طلب النصرة من بقية الأحزاب والقوى السياسية الأخرى. نعم ، نتفق مع الجهات الرسمية كافة فى ان القوات الدولية والمحاكمات الدولية لن تحل قضية دارفور- أذن القضية الأصلية تكمن فى التهميش والمطالبة بالحقوق، من هنا فالحل الناجع بيد الدولة- لا المجتمع الدولى، إلا إذا كنا نرغب فى العيش سنين قادمات تحت الوصايا الأممية،والحال هذه، علينا تذكر ان إستعمار الشعوب والأمم بدأ بخلق الذرائع والأعذار التى مهدت الى ذلك.
وبالقدر نفسه، فأنه من اللا وطنية، واللا المسؤلية اوالمعقولية ان ننتظر فشل المجتمع الدولى، طالما الحل الحاسم ليس بيده، لنضحك عليهم، كما يٌراد. الحقيقة المُرة هى إننا نضحك على أنفسنا لأن من يعانى الويلات والعذابات والمحن والإحن، نفرا منا وإلينا يرجعون.
ساعتها نتذكر مقولة المتنبى:
**أمة ضحكت من جهلها الأمم**
ونمعن فى أبياته أيضاً:-
تعيبُ زماننا والعيب فينا *** وما لزماننا عيب سوانا
ونهجوا ذا الزمان بغير ذنبٍ*** ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئبٍٍ *** ويأكل بعضنا بعض عيانا
الأدهى، فى بزوغ فجر العصر الوطنى او القومى ولم نكف بعد عن لوم المستعمر فى تأجيج وتفعيل المصائب التى تلم بالوطن وننسى دورنا الطليعى فى إحداث ذلك الشرخ. صحيح هو ان التدخل فى شوؤن الغير لا ولن يتوقف طالما كانت هنالك دول طامعة فى ثروات غيرها، لكن مع كل ذلك تقدمت دول مثل الهند والصين والآن ماليزيا وأندونيسيا تسعان للحاق بهما تجاه الدول المتطورة. الفساد المستشرى حالياً لم يك من صنع الخارج ولم نسمع بأعتراض رسمى على التقرير الدولى الخاص بالشفافية والفساد على وضعية السودان فى أدنى القائمة للدول الأكثر فساداً وتهرباً من دفع الضرائب وتقديم الرشاوى. ففى خضم التردئ ووسط تفشى المحسوبية تسقط النفس ويصبح أشياء من قبيل الفساد من الأمور المقبولة نوعاً ما.
قبيل إتفاقية السلام الشامل فى 9/يناير 2005، كان موت الوطن الكبير بمساحته الشاسعة أمر بائناً. ويقول الكمندر/ ياسر سعيد عرمان، فى أحدى لقاءاته فى الولايات المتحدة الأمريكية مع الجالية السودانية واللاجئين السودانيين، أنهم وجدوا الوطن " فى كرنتينا"-أى غرفة الطوارئ والحالات المستعصية. والعلاج المراد كان فى جرعة كاملة لكنها
، أى الجرعة كانت ستؤدى الى موت "المريض". لذا تم القسط فى العلاج، بنصف الجرعة المقررة.
الوحدة الجاذبة** التحول الديمقراطى**الحقوق والواجبات على أساس المواطنة** المشاركة فى السلطة**الإنتخابات الحرة**تقرير المصير للجنوب**ألخ.. هذه بإختصار موجز ما قدمتها الحركة الشعبية الى السودان فى شكل ست مسودة عرفت بإتفاقية السلام الشامل لعام 2005. الحركة أداؤها لم تك بالصورة المرجوة لعدة أسباب منها ان النيات إختلفت حين جاء وقت التنفيذ، وكما قلنا سابقاً روح الأنفراد بالسلطة والثروة بدت تدب من جديد بعد خلو الساحة السياسية من الدكتور/ جون قرنق دى مبيور. كذلك موته وبالكيفية تلك، أربكت الكثير من الحسابات فى إعادة الصفوف وتنظيم الحركة الشعبية وتحويلها الى حزب سياسى تأتمر بأوطر الديمقراطية من حركة عنفوانية.
الشكوك المبكرة فى موت قرنق وما صدر أخيراً من أرملته/ ربيكا ناندينق دى مبيور، كلها إشارات كانت تقود الحركة الشعبية الى البحث عن الفاعل وجمع الإدلة ومن ثم توجيه أبهام الإتهام الى من هم ضمن دائرة المؤامرة لما تسسببوا فيه من خسارة بالغة الأثر على الحركة الشعبية والسودان، لكن للضرورة أحكام، لذلك قدمت الحركة مصلحة السودان على مصلحتهاالذاتية؛ وقد قالها دينق ألور:"... قرنق مات وإنما البحثُ عن سودان يجمع الجميع هذا هو المفقود...". ولا يخامرنى شك فى لو كان من أُغتيل فى ذلك الظرف من قادة او روؤساء الأحزاب المعروفة لقلبوا البلاد ، رأساً على العقب، سعياً وراء الثأر والإنتقام.
وما على المرءُ إلا ان يمنًى النفس بمثل هؤلاء الذين تقاطروا على الساحة الخضراء فى إستفتاء واضح على قبول أطروحة الدكتور/ جون قرنق فى ان السودان يمكن ان يتصالح مع نفسه ويتصالح مع آخرين فى الوقت ذاته. وطالما الأمانى لا تنال بالتمنى، البراعة المطلوبة لمعالجة "شيطان التفاصيل"، والنوايا الخبيثة فى التنصل عن الإتفاقية، ومساهمات رجالات الأحزاب الأخرى فى الدفع نحو التحول الديمقراطى المقبل والمؤدى الى إنتخابات مقبلة، ومن بعدها الحفاظ على المكتسبات، هى جوهر ما تبقى من المشوار النضالى للحركة الشعبية.
SPLA/SPLM ...Oyee
New Sudan...Oyee
John Garang De Mabiour....Oyee
كيمو أجينق أبا
ألكسندريا-فيرجينيا
This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.
والأنكى من ذلك، ان نتوصل فى يناير من العام 2005، وبعد أكثر من خمسين سنة على الإستقلال إلى إتفاقية سلام شامل ننتزع بموجبها حق تقسيم الثروة إنتزاعاً وبعد ان يضع لنا الأجنبى أسس القسمة والتقسيم. رغم عن كل ذلك ما نزال نشتجر فى أمر القسمة وتوزيع نسب المحاصصة. والى اليوم ظلت الحال على أنها ديدنة الدولة فى عدم قضم أناملها وأظافرها التى تنهش فى حقوق أهل الأقاليم والريف لنشاهد الشرق تنتفض لذات السبب ودارفور تستعر لطمع ذات اليد. أما الشمالية فيراد لها ألا ترفع عقيرتها لا بالشكوى ولا العصيان لأن كل تأريخها وتراثها وجذورها ملك للخرطوم وأجهزتها وعليها الإيمان بلافتات التى تحمل أنبل اللأحلام بالتنمية والنهوض العمرانى. ولم يسأل مسؤلاً تنفيذياً واحداً نفسه عن: ما فائدة التنمية وإنشأ السدود إن كان المواطن لم يقتنع بعد بفوائده؟ وإن أقتنع بها لم يُؤًمَنْ له البديل من سكن ومأكل ومشرب او تعويض مجزئ يجُب عنه مرارة التهجير والهجرة ؟! ولماذا تأتى التنمية بالقوة الجبرية والقسوة المفرطة وكأن المواطن سفيها ومريض بالصًرعة؟ نذكر بأن الملامح البطولية التى حدثت فى توشكى، القرية التى أستبسل فيها ود النجومى، لم تمنع من أدعوا الوطنية من البصم على الأوؤاق التى أغرقتها. كذلك هتافات مهيرة لم ترحم أهلها لاحقاً فى الحصول على بركة ماء نقى. فأهلها اليوم فى حرمان من مياه التى تنساب عبر أراضيهم لسقى المزارع والحقول فى مصر وحينما تفيض عن الحاجة تحجز المياه لتتراجع القهقرى حتى تغمر أراضينا فنعيش ويلات الفيضانات والسيول والأمطار وجيراننا ينعم برغد العيش وإخضرار الأرض ونقول لأهلنا إنها الإبتلاءات من الله عز وجل. الناس من حلفا القديمة الى حلفا الجديدة صاروا لكن ماذا تحقق لهم بعد تشييد مشاريع المياه الكبرى والسدود العظمى؟.
من هنا تمكن المصيبة الكبرى، لأن عروقنا وجنوبنا، كما جوانحنا أصبحت تتجافى و دماء القومية والوطنية الأصيلة لذلك فشلنا فى أول معركة سياسية وتجربة حقيقية فى الإحتكام الى راى الشعب، أمام إمتهان الديمقراطية النيابية التى تركها المستمر خلفه. وبكل يسر، تم تسليم زمام الأمور فى البلد الى- آخر من يستحق ذلك، وهوالجيش او الحكم العسكرى، وذلك بعد عامين فقط من الإستقلال المجيد.
وحتى عندما نجحت الثورات الشعبية من قبيل ثورة أكتوبر 1964وإنتفاضة إبريل 1985، لم يجد الشعب المنتفض والطلبة من القادة من يحولون لهم حلمهم الى واقع معاش وحقيقة ماثلة للأعيان. لذلك أخفقت الدولة فى حل قضية الجنوب رغماً عن المؤتمرات والقرارات وأهملت كل شئ فى الجنوب حتى أثير الإذاعة القومية- راديو أمدرمان- لا تتردد ذبذباتها إلا فى الصباح الباكر ومع إنبلاج الفجر تبدأ فى الإنزواء والإختفاء رويداً رويدا، ومع ذلك نسال أنفسنا لماذا الجنوب أقرب الى دول الجوار مثل : كينيا ويوغندا وزائير؟!.ولماذا الإنفصال مرًجح فى الجنوب أكثر من الوحدة؟! وفى تحايل ذكى غبى على المسألة، تم دمغ المشكل بالجهات الأجنبية والدوائر الخارجية كترياق لضمان المساعدات العربية والإسلامية. ومنذ ذلك الوقت، كلما تاق الشعب الى الحرية جوبه بإنقلاب عسكرى يرد الجماهير الى مساكنهم، كأن الأصل فى بقاء الجيش خارج ثكناتهم -وفى مقاليد الحكم- إلى ما شاء الله.
الآن قضية دارفور أثبت بأن ما كان يحدث فى الجنوب لم يك نابعاً من نذعات إنفصالية دفينة وكراهية تجاه كل ما هو عربى إسلامى، وما ان الدرفوريين لم يرفعوا بعد شعار إنفصالياً لكن حِيًل الخرطوم قد تدفعهم الى تبنى ذلك فى يوم ما، سيما أنهم كانوا أصحاب سلطنات وممالك شهدت التأريخ بعظمتها التليدة. ولماذا تنطفئ نار الحروبات فى الجنوب لتشتعل وتضرم نيران فى أطراف أخرى؟.
الآن، وبعد خمسة وخمسون عاماً من جلاء البريطانيين، أصبحنا نصدر الآلاف المؤلفة من اللأجيئين الى دول الجوار والعالم أجمع وبأرقام تفوق كل الأعداد التى ُطردت فى العهد الإستمارى، على ذلاته. وحيثُ كان الجندى السودانى مضرب مثل فى الشهامة والبسالة والشجاعة وهو يتقدم الصفوف الإمامية للجيوش العربية التى حاربت الكيان الأسرائيلى؛ رغم الإستخفاف بمقدراته وسلاحه التقليدى وتعيره بلسواد واللون وإدعاء العروبة،نجد اللاجئ السودانى يطرق أبواب الدول العبرية ملتمساً المنام فى ديرة او خيمة لأحدى الحاخامات ليستجئير بها من نار الفتنة فى بلاده. ولا يضيره شيئاً ان وصل الى أطراف دولة بنى يعقوب جثة هامدة أردته أرضاً رصاصة مصرية لأنه يرفض العودة الى موطنه الأصلى.
الصحافة والجرائد تحولت الى مهنة خاسرة أصحابها مطاردون وملاحقون بقوة القانون والأمن ومع ذلك نتحدى الغير على المشى فى شوارع بغداد او فلسطين او أفغانستان ليلاً او نهاراً ونعجز عن إقناع وزيراً شمًر عن ساعد العدالة بعد ان أخذ القانون بيديه الإثنتين، فى مواجهة قلماً صحفياً تجرأ فقط على التدقيق فى صفقة مشبوهة. مرتكبو الجرائم والفظائع بحق المواطنين لا نقدمهم الى العدالة لنسد بذلك ذرائع التدخلات الخارجية ونجاهر بغوض غمار الوغى متى ما أستبيحت ترابنا ونسينا بأن المتدخل لم يخلق الأزمة نفسها بل يريد ان يستغل الأزمة لتحقيق ما يريد. حتى دبلوماسية المك/ نمر، ملك المتمة فى الكيد ثمً الكر والفر كان أفضل من دبلماسيتنا الحالية، فحينما تظاهر بالإنصياع والطاعة إنما كان يتهين الفرصة للرد والإنتقام، والتى عندما أتته نفذها على أكمل وجه،غاضبًا ومكرهاً العدو مما أضطره الى التصرف فى ثورة غضب جلب لاحقاً حقداً عاماً كان من أحدى مسببات ثورة الإمام محمد أحمد المهدى على العهد التركى العصملنى. دبلوماسيتنا الآن قائمة على مناطحة ديناصورات العالم وظهرنا، بل عورتنا مكشوفة. وبدلاً من البحث عن أوراق شجرة النيم نستر بها العورة ، نهرول فى الإنتصاب والتعامل بترددات الأفعال والمواقف منسيين بذلك الواجب الأول تجاه المواطن. وبغير سلاح المرواغة لم تمتهن الحكومة طريقاً إيجابياً آخر يقطع به شر التدخل. وحتماً، حينما يُعلن ساعة الصفر؛ فى واشنطن او نيويورك او حتى باريس، ويُعلن جاهزية الهجين للوصول، ستعجز الحكومة عن الصمود وتبدأ فى الإلتفات يمنًة ويًسرة فى طلب النصرة من بقية الأحزاب والقوى السياسية الأخرى. نعم ، نتفق مع الجهات الرسمية كافة فى ان القوات الدولية والمحاكمات الدولية لن تحل قضية دارفور- أذن القضية الأصلية تكمن فى التهميش والمطالبة بالحقوق، من هنا فالحل الناجع بيد الدولة- لا المجتمع الدولى، إلا إذا كنا نرغب فى العيش سنين قادمات تحت الوصايا الأممية،والحال هذه، علينا تذكر ان إستعمار الشعوب والأمم بدأ بخلق الذرائع والأعذار التى مهدت الى ذلك.
وبالقدر نفسه، فأنه من اللا وطنية، واللا المسؤلية اوالمعقولية ان ننتظر فشل المجتمع الدولى، طالما الحل الحاسم ليس بيده، لنضحك عليهم، كما يٌراد. الحقيقة المُرة هى إننا نضحك على أنفسنا لأن من يعانى الويلات والعذابات والمحن والإحن، نفرا منا وإلينا يرجعون.
ساعتها نتذكر مقولة المتنبى:
**أمة ضحكت من جهلها الأمم**
ونمعن فى أبياته أيضاً:-
تعيبُ زماننا والعيب فينا *** وما لزماننا عيب سوانا
ونهجوا ذا الزمان بغير ذنبٍ*** ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئبٍٍ *** ويأكل بعضنا بعض عيانا
الأدهى، فى بزوغ فجر العصر الوطنى او القومى ولم نكف بعد عن لوم المستعمر فى تأجيج وتفعيل المصائب التى تلم بالوطن وننسى دورنا الطليعى فى إحداث ذلك الشرخ. صحيح هو ان التدخل فى شوؤن الغير لا ولن يتوقف طالما كانت هنالك دول طامعة فى ثروات غيرها، لكن مع كل ذلك تقدمت دول مثل الهند والصين والآن ماليزيا وأندونيسيا تسعان للحاق بهما تجاه الدول المتطورة. الفساد المستشرى حالياً لم يك من صنع الخارج ولم نسمع بأعتراض رسمى على التقرير الدولى الخاص بالشفافية والفساد على وضعية السودان فى أدنى القائمة للدول الأكثر فساداً وتهرباً من دفع الضرائب وتقديم الرشاوى. ففى خضم التردئ ووسط تفشى المحسوبية تسقط النفس ويصبح أشياء من قبيل الفساد من الأمور المقبولة نوعاً ما.
قبيل إتفاقية السلام الشامل فى 9/يناير 2005، كان موت الوطن الكبير بمساحته الشاسعة أمر بائناً. ويقول الكمندر/ ياسر سعيد عرمان، فى أحدى لقاءاته فى الولايات المتحدة الأمريكية مع الجالية السودانية واللاجئين السودانيين، أنهم وجدوا الوطن " فى كرنتينا"-أى غرفة الطوارئ والحالات المستعصية. والعلاج المراد كان فى جرعة كاملة لكنها
، أى الجرعة كانت ستؤدى الى موت "المريض". لذا تم القسط فى العلاج، بنصف الجرعة المقررة.
الوحدة الجاذبة** التحول الديمقراطى**الحقوق والواجبات على أساس المواطنة** المشاركة فى السلطة**الإنتخابات الحرة**تقرير المصير للجنوب**ألخ.. هذه بإختصار موجز ما قدمتها الحركة الشعبية الى السودان فى شكل ست مسودة عرفت بإتفاقية السلام الشامل لعام 2005. الحركة أداؤها لم تك بالصورة المرجوة لعدة أسباب منها ان النيات إختلفت حين جاء وقت التنفيذ، وكما قلنا سابقاً روح الأنفراد بالسلطة والثروة بدت تدب من جديد بعد خلو الساحة السياسية من الدكتور/ جون قرنق دى مبيور. كذلك موته وبالكيفية تلك، أربكت الكثير من الحسابات فى إعادة الصفوف وتنظيم الحركة الشعبية وتحويلها الى حزب سياسى تأتمر بأوطر الديمقراطية من حركة عنفوانية.
الشكوك المبكرة فى موت قرنق وما صدر أخيراً من أرملته/ ربيكا ناندينق دى مبيور، كلها إشارات كانت تقود الحركة الشعبية الى البحث عن الفاعل وجمع الإدلة ومن ثم توجيه أبهام الإتهام الى من هم ضمن دائرة المؤامرة لما تسسببوا فيه من خسارة بالغة الأثر على الحركة الشعبية والسودان، لكن للضرورة أحكام، لذلك قدمت الحركة مصلحة السودان على مصلحتهاالذاتية؛ وقد قالها دينق ألور:"... قرنق مات وإنما البحثُ عن سودان يجمع الجميع هذا هو المفقود...". ولا يخامرنى شك فى لو كان من أُغتيل فى ذلك الظرف من قادة او روؤساء الأحزاب المعروفة لقلبوا البلاد ، رأساً على العقب، سعياً وراء الثأر والإنتقام.
وما على المرءُ إلا ان يمنًى النفس بمثل هؤلاء الذين تقاطروا على الساحة الخضراء فى إستفتاء واضح على قبول أطروحة الدكتور/ جون قرنق فى ان السودان يمكن ان يتصالح مع نفسه ويتصالح مع آخرين فى الوقت ذاته. وطالما الأمانى لا تنال بالتمنى، البراعة المطلوبة لمعالجة "شيطان التفاصيل"، والنوايا الخبيثة فى التنصل عن الإتفاقية، ومساهمات رجالات الأحزاب الأخرى فى الدفع نحو التحول الديمقراطى المقبل والمؤدى الى إنتخابات مقبلة، ومن بعدها الحفاظ على المكتسبات، هى جوهر ما تبقى من المشوار النضالى للحركة الشعبية.
SPLA/SPLM ...Oyee
New Sudan...Oyee
John Garang De Mabiour....Oyee
كيمو أجينق أبا
ألكسندريا-فيرجينيا
Newer articles:
- South Sudan unlikely to vote for unity - SPLM official - 02/08/2007 11:54
- Sudan accepts U.N. in Darfur - 02/08/2007 11:41
- South Sudan 'worst floods in decades' - 31/07/2007 18:35
- Read What Alla Eldin Yusuf had to say against the Southereners - 31/07/2007 02:50
- Weep My Soul for Thy Hope Has Withered - 30/07/2007 11:36
Older news items
- Hero Dr. Garang Is Alive - 29/07/2007 19:20
- ALL TWELVE SUDAN BISHOPS MEET IN KHARTOUM - 23/07/2007 16:41
- Below fourth Class citizen Sudanese Refugees.. - 21/07/2007 16:55
- Should Mr. Salva Sacrifice the Share of South to Please Americans for Darfur and Abyei? - 19/07/2007 14:26
- Suggestion Proposals for Chollo Community in the U.S.A. - 17/07/2007 17:23
Latest news items (all categories):
- UNDP and the Office of the Vice President Launches the Women and Youth Leadership Program in South Sudan - 14/02/2025 11:37
- The Grave Blunders And The Paradoxical Ways In Leadership Sector - 14/02/2025 11:32
- ADF approves $153.66 million for Uganda-South Sudan electricity interconnection project - 13/02/2025 20:48
- Rwandan peacekeepers in South Sudan get UN service medals for their service - 13/02/2025 20:44
- Afreximbank seeks to claw back US$657mn debt from South Sudan - 13/02/2025 20:30
Random articles (all categories):
- South Sudan: MSF Hospital Targeted and Purposefully Damaged to Render It Inoperative - 17/05/2013 04:42
- South Sudan vice president calls for border peace between Unity, Warrap and ... - Sudan Tribune - 10/04/2012 07:08
- Factbox: South Sudan - the world's youngest country torn by conflict - 15/12/2017 04:55
- South Sudan claims civil war is over but skepticism abounds - 20/08/2018 03:50
- Mission chief says peace deal crucial to ending South Sudan crisis - 22/09/2017 08:18
Popular articles:
- The Final Communique of SPLM-DC Third Session of the National Council - 29/03/2011 01:00 - Read 76199 times
- Roles and Definition of Political Parties - 29/04/2011 01:00 - Read 61276 times
- Agriculture in Southern Sudan: Challenges and Investment Opportunities - 06/10/2010 01:45 - Read 42384 times
- Fashoda Youth Forum Rehabilitation of Drainage Culverts in Malakal town Report - 07/08/2008 16:22 - Read 33697 times
- Dozens of gunmen on horseback ambush peacekeepers - 24/05/2008 13:47 - Read 26840 times