logo

اننا نعيد نشر هذا المقال ليتزامن بما يدور الان في بلادنا من حرب طاعنة لناخذ العبر

كان (شان) و (بول ) و (لاقو ) , قد وصلوا الي الخرطوم بعد ان اشتدت الحرب الاهلية في الجنوب, وانتشرت موجات المجاعة نتيجة للجفاف التي ضربت انحاء عديدة من شرق افريقيا والقرن الافريقي وغيرها من المناطق و التي شملت العديد من المناطق , في السودان و جنوب السودان في الثمانينيات القرن الماضي , بالاضافة الي اهوال الحرب المدمرة التى لا ترحم..كان هولاء الصبية في العقد الاول من عمرهم وبرغم صغر سنهم الا انهم كانوا عرضة للموت في الجنوب..حيث كان مصائب الموت تحيط بهم من كل حدب وصوب...فلم يكن لهولاء الفرصة لكي يعيشوا حياتهم ويتمتعوا بطفولتهم الجميلة والبرئية...ويتعلموا في المدارس كما لاقرانهم من الاطفال حول العالم....فلقد كان ينظر اليهم من قبل الاخوة من الثوار علي انهم مجرد اطفال جبناة , لانهم لا يرغبون في الانضمام الي اقرانهم من الجيش الاحمر...وكان الجيش السوداني ينظر اليهم على انهم ابناء لمتمردين...واخوانهم متمردون وهم ايضا عاجلا ام اجلا , سيصبحون متمردين ايضا...كان كل الاجواء قاتمة والمستقبل يكسوه السواد والظلام ويسوده ظلال غير واضح المعالم من شدة القتامة و ضبابية المستقبل...!! كان كل شيئ كئيب امامهم ناظرئهم ...فلم يكون هناك تجاه يثق بهم...بل كانوا عند كل طرف اعداء ...لا يجب الوثوق بهم, فكانوا ضحايا الحرب التي يستعير رحاها في البلاد...فالغابة المتمثلة في الحركة الشعبية تراءهم مجرد جبناة لا يرغبون في الانضمام الي الثورة غير ابايين بصغر سنهم....!! والمدينة المتمثلة في الجيش الحكومي والامن والشرطة تنظر إليهم على انهم مجرد روافد للتمرد لا يجب الاهتمام بهم , ولا بمستقبلهم , بل هم ايضا يستحقون الموت كاقرانهم المتمردون في الغابة...فلم تعود الغابة تقبلهم..ولا المدينة تتشرف بوجودهم..فكانوا عديمي الفائدة بالنسبة للطرفين المتصارعين فهم مجرد اوغاد من وجهة نظر هولاء الكبار , وبالتالي اصبح لا ملجأ يحويهم ,و ليست لديهم محال او مكان امن يحوون اليها من شر الاضطهاد من كل الجوانب المتحاربة....((فلا بديلا لكم من خيار اما ان تكونوا معنا..والا انتم ضدنا...!!!)) . هكذا كان يخاطبهم كل طرف.. لا توجد مكان للحياد...اما الابيض او الاسود..إما الغابة او العسكرية (جيش ,شرطة ,مليشا ) لا توجد منطقة فيها رمادي ولا ضبابي... يا معنا او ضدنا...!!
لم يكن لهولاء غير الهروب الى الشمال , حيث ظنوا انهم قد يجدون بعض الامان ولو يسيرا من الامل بذلك , فقرروا شد الرحال الي المجهول بعدما شغلوا العقول ...!! .
و بعد جهود جهيدة, تمكونوا من الوصول الي العاصمة المثلثة (القومية).... حيث نزلوا جميعا في اطراف المدن , حيث السكن العشوائي في كرتون كسلا , في بحري شرق النيل , لان هناك يوجد القليل من الرواكيب لبعض الجنوبيين اللذين سبقوهم في النزوح ..هناك نزل (بول)...ولم يجد (شان)بدا الا ان يذهب الي اطراف امدرمان , حيث سكن في جبرونا , و كان هناك بعض الروكيب التي بنيت بالعصير والكرتون في المنطقة بالقرب من المنطقة الصناعية (الصناعات) ... اما (لاقو ) فقد نزل في اطراف الخرطوم , في مايو ...حيث نزل في روكيب مانديلا واستقرة مع بعض الجنوبيين هناك .... , لم يعرف هولاء الصبية مكانا لاهلهم...وليست لديهم اي اخبار عن ذوييهم الذين بقوا في الجنوب , ولم يعلموا , هل اهلهم , هم على قيد الحياة ام لا...فلقد افترقوا عنهم اثناء الحرب واشتداد ويلات المجاعة ...فلقد هرب كل منهم لينفد بجلده الي الخرطوم بطريقة مختلفة غير مخططة لها .. (فبول) ركب البابور النهري حيث كان يعمل مع احد الضباط فهرب معه في قافلة متجه الي كوستي ومن ثم شرد الي الخرطوم ..اما (لاقو ) فلقد هرب بطائرة هيركليس العسكرية من جوبا...حيث سافر مع احد الجنود المعوقين المرحلين الي السلاح الطبي بغرض العلاج مدعيا بانه مرافق لاحدهم..اما بالنسبة (لشان ) فقد كان , قد فقد اخوه التوم في احدى الغارات من قبل العرب الرحل والمسنودين من الجيش الحكومي , وفي اثناء هروبه تاه في الغابة هناك ..الي ان وصل احد المدن حيث استغل القطار المتجه الى الخرطوم..!! كان هولاء الصبية لا يلمهم او يجمعهم شيئا من القرابة غير انهم جنوبين ونازحين من اهوال الحرب ومصائبها وان الذي حدث لهم واجبرهم الى القدوم الى الخرطوم , من اماكن مختلفة من الجنوب شيئا واحد هو الحرب اللعينة,فجمع بينهم المصير المشترك من المعاناة وايضا هناك المستقبل المشترك , لانهم منهدرين من رقعة جفرافية واحدة يسمى جنوب السودان... تلاقوا مرة في كمبوني قراوون حيث كان هناك منافسة بين الكنائيس في الالعاب الرياضية ... فالف بينهم تشابه الحالة التي اوصلتهم الي الخرطوم ,وهناك تصادقوا معا واصبحوا يتبادولون الزيارات فيما بينهم في العطل الرسمية و الجمعات...!!
هولاء الفتية كانوا يعملون تارةً بغسيل الملابس..او الاعمال الحرة كطلب في عمليات البناء ...فتعلموا مهارات البناء المختلفة والنقاشة والحدادة و اعمال البوهيات , وغيرها من تلك المهن الهامشية ...حيث كانوا قد اصبحوا معلمين بنائين(بنا)مهرة مشهورين في الشمال مع اقرانهم الاخرين القادمون من الجنوب....فكانوا يقومون بكل الاعمال الشاقة هناك من اجل ايجاد لقمة العيش الشريف..فاشتهروا بالامانة والصدق والوفاء وكل الخصال الطيبة..!!!
ولان العمل كان هو سمة الحياة فلم يشعر (بول) بالتعب رغم قسوة الاعمال التي كان يوديها وهو في مقتبل العمر كصبي صغير ,فرجع بذاكرته الي البلد,و تذكر (بول) تلك الاغاني الحلوة التي كان يتغنى بها اخوانه الكبار بلغتهم المحلية وهي بهذه المعاني :
" ما اجمل البقر في بلادي..
وفيها انشد اغنياتي ...
واعطييها اعزب الحاني...
وبها ساتزوج اجمل فتاتي.."
ها هو (بول) الان قد اصبح معلما في فنون البناء , مما سهل له ايجاد طريقة للدراسة المسائية بعد العمل...!!
كان (شان) مولعا باعمال النقاشة فقد تعلمه واصبح ماهرا في ادائها و بالتالي اصبح معلم في هذه المهنة...!!
قد اشتهر (شان) بحبه وعشقه الشديد للافلام الهندية فكان كل نهاية الاسبوع يحجز له مقعدا في المقاعد الشعبية بالسنما الوطنية بامدرمان , وكان يتلذذ بالجمال الساحر للمراة الهندية ويتعجب بالاغاني التي يتغنى بها البطل مع حبيتها الحسانة الجميلة ..فيرجع ذاكرته الى الديار ليتراء في خياله البنت ( الويل) والتي كان يتعجب بجمالها وهي طفلة تلعب معهم , فكان يحلم بها كعروس للمستقبل..فتذكر تلك الاغنيات التي كان يسمعها اثناء الرقص , ينشدها الشباب والتي كانت لها تلك المعاني:
البنت الطويلة مهرها كتير
ومن اجلها بدفع توري الكبير
قلبي بقـــــــــــت لها اسير
انا وراءها ســــــــــــاسير
اما (لاقو) فوجد نفسه يحب اعمال اللحام والحدادة , ولانه كان يعشق الرسم والفنون الجميلة ,تمكن من تصميم اشكال مبتكرة من الكراسي والسراير, فكان يبدع في إخراج اشكال جميلة و مبتكرة.. و كان لاقو ينجذب دائما الى الاغاني الافريقية , فكان دائم الاستماع الي الاغاني الجميلة التي يتغنى بها الفنانين الزائيريين امثال فرانكو ,كاندا بونقو مان ,كوفي اولميدو ,وغيرهم من فنانيين تلك العقبة الرائعين... كما ان صوت الفنانة مابيلا بيلا كانت تاثره برائعتها شرياكو....فكان دائما ما يشترك في تنظيم الحفلات مع الشباب كل نهاية الاسبوع حتى يترفهوا معا , عن انفسهم من تعب العمل و الدراسة المضنين ....!! و كان ايضا يتذكر تلك الاغاني التي تغنى بها فناني الجنوب كشكل مانقا..و اغنية شين شين والتي تقول مطلعها:
مطر دوقو انا ...
انا بقى شين شين..
شين شين شين شين...
وهكذا كان يعود بذكارته الي تلك الايام الجميلة فيتذكر الجنوب وسحر جمال الطبيعة الخلابة التي كان يتمتع بها هذه الارض الرائعة الجمال, ها هو الجبل في جوبا تكسوها الخضرة والضباب يخرج منه بعد المطر وكانه رجل هرم يدخن في كدوسه فينفذ منه الدخان الي الخارج ..!! يجيش الذكريات في فؤاده فيتمنى حلول السلام و ان يعم الوئام ليعود الى جوبا الجميلة و يذهب بعيد ليتغنى مع الرائع الفنان (النور الجيلاني) , (انا مسافر جوبا)....!! ويلعن الحرب التي جاءت به الي تلك البقاع والتي يشعر فيها وكانه تحت القاع...فيحلم بالحرية والفجر الجديد المشرق في المستقبل الاتي....!!!
بعد ان تعلم هولاء الفتية مهنا جديدة , تمكنوا من ان يكون لهم دخلا ماديا مناسبا ,بها يمكنهم مواصلة الحياة , وبالتالي انخرطوا في التعليم المسائي من اجل وضع لمسات افضل لمستقبلهم...!!
لقد عرف هولاء كل اشكال الذل والقهر والهوان و هم يتدربون لتعلم تلك المهن...فكانوا يعملون جل وقتهم بالنهار و يدرسون مساءا......!! و كانوا يراءون بامهات اعينهم ,الاعمال الوحشية التي تحدث من كشات للنساء الجنوبيات, بسبب صنع الخمور البلدية و التي لم تكن شيئ محرما لديهن في الجنوب....كان منظر النسوة وهن تساقن امام انظارهم الى المحاكم , تاسر انفسهم وتملاءهم بالحزن والاسى , وهم يلعون حظمهم العاثر كجنوبين ....و يتسألون لماذا يحدث هذا لهم و في بلاد يسمى مجاذا بلادهم !!؟..

كان بعض من افراد الشرطة يحتألون على هولاء النسوة اللاتي يقعن تحت ايدهم , وهن تقمن بدفع الرشاوي ولكن دون جدوى...تدفع المراة هنا الرشوة لاحدهم ويقبض عليها الاخر هناك...,فكن في قمت المعاناة حتي تجدن شيئ من اجل اعالة اطفالهن الذين فقدوا معيليهم نتيجة الحرب...!! أ هي الإمراة تجلد اربعين جلدة بطريقة يدمع له الاعين وتشمئذ لها الابدان..كان النسوة تسجنن ومعهن اطفالهن الصغار دون حنية ...فتجدهن في اوضاع ماسأوية اقل ما توصف بها , هي الوحشية و الكرهية المكبوته في الصدور ... ...!!! كان هولاء الشباب يفكرون في كل هذه الامور في قلوبهم ..وهم يتسألون ما عسى ان يكون الحل... لهذه المأسة ...!!؟؟ مرت الايام وهم تارة عمال وتارة اخرى طلاب في المدارس المسائية...عندما وصلوا المرحلة الثانوية كان هناك فرص تعطى للطلاب النازحيين من الولايات الجنوبية ليدرسوا في الداخليات... .فتمكنوا من الاستفادة من تلك الفرص..فاكملوا تعليمهم بالمرحلة الثانوية بنجاح .. ..ومن ثم اكملوا المرحلة الجامعية..كانوا محظوظين ,فلقد حل السلام البلاد وهم قد اوشكوا على اكمال تعليمهم الجامعي.. فبعد ان تم توقيع اتفاقية السلام الشامل في البلاد كان فرحهتم قد كمل , الآن جاء دورهم لممارسة حقوقهم والتي كانت مهضمومة سابقا ولا سيما انه لديهم فرصة لحق تقرير مصيرهم ومصير بلادهم ....!! وهي الخطوة الثانية التي سياتي بعد ستة سنوات من عمر الفترة الانتقالية..!! كان امامهم خياران لا ثالثة لهما , سيصوتون لها في الاستفتاء ,إما الوحدة مع الشمال لتظل السودان موحد و التي عرف بخيار الوحدة الجاذبة في الاتفاقية الشاملة... او ان يختاروا الانفصال..., لتكون لهم دولة ذات سيادة كاملة وحرية ...وبالرغم من ان الفترة التي قضوها في الشمال يبدو اكثر و اطول نوعا ما من التي قضوها في الجنوب...الا المعاملة التي تلقوها في الشمال ترك اثرا غير ايجابي لديهم...لما تلقوهو , من معاناة وظروف معيشية قاسية ...والشعور بمعاملة سئية من قبل الفئة الحاكمة و بعض القلة من الشعب في الشمال والذين كانوا ينظرون اليهم نظرة دونية تحقيرية بانهم اقل مكانة واقل ادمية منهم في نظرة البعض من الشمالين، إما بسبب الدين او بسبب العرق....!! وانهم اناس من الدرجة الثانية من حيث المواطنة ...و رغم انها غير معلنة الا انهم كان يستشعرون ذلك من طرق المعاملة من هولاء الشماليون.... هكذا كانوا يحسون دوما في المعاملات...!! كما انه لم يكن لديهم حرية العبادة كغيرهم رغم عدم شرعنتها بالقانون فانهم لا يعطوا تصريح لبناء كنيسة بل روضة مدرسة او اي شئي اخر غير كنيسة ...!! و الحقوق الاخرى كانت شبه مهضومة ضمنيا ....فلذلك كان الامل في الانفصال هو الديدن التي يريدونه للمستقبل , رغم علمهم و ادراكهم بالمخاطر التي تحيط بهذا الخيار , فعلى سبيل المثال , ضعف البنية التحية للجنوب وافتقارها الى العديد من البنيات الاساسية...الا ان ذلك, لم يكن حاجزا بالنسبة لهم لاختيار الانفصال..فالحرية عندهم خير من القفص الذهبي الذي يظنه الشماليون..كما تعلموها من قصيدة الطائر في الابتدائي...(( وفر عني وما مضى ... من دون اي سبب ..و قال لي حرية لا تشترى بالذهب ...)) !! كان الفكر الذي يشغلهم انهم سيقمون ببناء دولة حديثة بما تعني الكلمة من معنى..كانوا يعتقدون انهم بالقسط البسيط التى نالوه من تعليم ,فانهم بها قادرون على بناء دولتهم ليكون الجميع سواسية فيها كاسنان المشط..!! وبناء العدالة والمساواة في كل شيئ ...الحقوق والواجبات..وكما يقول الفنان الشعبي ((ما في زول احسن من زول.. ولا دين احسن من دين.. نكون سوا كغيش كبريت ..!!)) كان (شان ) يقول لا اريد ان يفقد احد اخوتي الجنوبين كما فقدت اخي وتومي في الحرب..لذا ساعمل على ان يكون هناك عدل ومساواة بين كل الجنوبين حتي لا يكون هناك حرب مرة اخرى فالظلم هو السبب في كل الحروب...فرد له (بول) وقال...انا داير كل انسان يتعلم و يعرف الحقيقة ان العلم نور...لانه من خلال التعليم سنتخلص من الجهل والامية والمرض و من كل العادات الضارة في مجتمعاتنا....فرد لاقو وقال بعربي جوبا والتي بدأ ينساه تدريجيا محاولا وضع نهكة جنوبية للغته...يا جماعة خليكم من كلام تا لوندو دا...نينا اهوزوا بلد تاننا دا يكون احسن بلد في عالم وفوتو حتى امريكا...ناس كتير موتو عشان كدة مادايرين حرب مرة تاني خلي ننا فصلوا من شمال ونعمل دولة تانا ,لازم نبنو جوبا تانا يكون عاصمة احسن بكتيير من خرطوم تا جلابة دا ..!!! كان هولاء الشباب لهم روح الحياة والتفاءل بدولة حديثة تتواكب مع الحداثة الدولية والعولمة..!! فكان الحماسة عالية جدا , نحو الانفصال من اجل جنوب سودان جديد , يطبق فيها افكار الشهيد الراحل الدكتور جون قرنق..الا وهي نقل المدن الي الريف...!! فكانوا يحلمون بان يبنى مستشفى كبير في بور ...و جامعة في كاجوكاجو...و مصنع سيارات في رمبيك...كانوا يحلمون بتنمية حقيقية تغمر كل اجزاء الجنوب بعد انفصاله عن الشمال ....نتيجة لارتفاع عائدات البترول...ووجود ثروات قومية اخرى تجعل البلاد من اغنى دوول العالم لضخامة الثروة و قلة عدد السكان فيه مقارنة بما يعج به من ثروة هائلة فوق و في باطن الارض.. .!!! وفي جو من التفاءل هذه تحقق الجزء الاول من تطلعات واحلام هولاء الشباب فقد تحقق الانفصال بنسبة اذهلت كل العالم...وبدأ ان هناك نور يلوح في الافق ببذوق فجر جديد من تنمية و شروق شمس الحرية ...الا ان تلك الاحلام سرعان ما تبخر وكانها بخار تحمله الرياح.. او غيمة صيفية سرعان ما عبر ولم تمطر....فلقد تحقق الحلم الاول فاصبح واقعا معاش وهو الانفصال.. واصبح لديهم احدث دولة في العالم , تم الاعتراف بها من كل العالم, والان امامهم تحدي الخروج بهذه الدولة الفتية الي بر الامان , بحيث يكون لها رؤية واضحة المعالم, واستراتيجية قومية نحو تحقيق اهداف الاستقلال عن الشمال الا وهو رفاهية وإزدهار الوطن والمزاطن ليعيش الحياة الجميلة المريحة التي يا ما تطلع اليها كل العامة من المواطنين في البلاد من حيث الارتقاء الى مصافي الدوول، لنكون امة عظيمة تشاد لها بالبنان بين الامم ونحن نوكب قمة التقدم البشري, حيث امامنا ان نبدأ حيث انتهى الاخرون ولنا في الدول العربية الناهضة حاليا امثلة نقتدي بها لتحقيق تلك النهضة....!!!

ولكن دوامة افريقيا ولعنة النفط قد حلتا بدولتهم الوليدة..وهي تصل عامها الثاني وهي غير قادرة على الجلوس لوحدها ناهيك ان تحبو...فالفساد والقبلية قد اقعدتاه وهي ورثتنا من افريقيا التي اخذنا جينتها و قد طغايا اي تلك الافتين الفساد والقبلية علي المشهد الجنوب السوداني بكامل صورتهما البشعة ...ولعنة النفط التي اصاب العالم الثالث حلت هي ايضا بتلك الدولة الجديدة...فبات هناك لا تنمية ولا دولة ..كما كانوا يحلمون.. كما انه لم يفارق هولاء الشباب رغم دورهم الكبير في تحقيق الاستقلال والمساهمة الفعالة منهم في الانفصال عن السودان , فما ذالت تلك النظرات القديمة والتي كانوا قد وصفوا بها في السابق وهم صبيان ...فلقد رجعت اليهم الاوصاف القديمة المتجددة و التي نعتوا بها عندما كانوا صبية من قبل الغابة ...ولكن هذه المرة بلون وشكل اخر جديد ومستحدث من الاخوة الثوار امس وحكام اليوم , بعد ان تقلدوا مقالد الحكم والسلطة في الدولة الجديدة فاصبحوا يقولون لهم (( الان انتم تفكرون بافكار جلابة...وما عندكم معنا نصيب انتوا ما دخلتم الغابة...فهنا اللغة انجليزي وما دايرين عربي و حققنا سودان جديد وما دايرين فيها تجديد..البلد طلعناه ما بشهادات ولا جامعات... ولكن بكلاشنكوف وهونات و ضرب دانات..!! ولكن تعجب هولاء الشباب لان المتحدثون بصوت الغابة، كانوا قبل فترة مشاهير السوق العربي و كان ناس عاديين مثلهم وكانو امس منهم معهم و يوم ما دخلوا الغابة، الا كان قاصدين غابة اديجانقو على الضفة الشرقية من النيل الابيض جنوب غربي المقرن بالخرطوم، لقد سرق الثورة من الداخل وضاع الشعب بين الابيض والاسود,فاصبحوا خارج التغطية.....!!)) هكذا تحول حلم الفتية بالاستقلال الجميل ..الى الحلم الشبيه بالمستحيل , و بين الغابة والمدينة هناك الضغينة.و البلد طحينة والشعب عجينة....!! ولكن هل من مستحيل تحت الشمس ..هذا ما سيثبته الايام مع اصرار هولاء الشباب وهم يخطون نحو المستقبل بخطوات حثيثة على قدم وساق , من اجل بلد يسوده المحبة والاخاة والتنمية المستدامة في كل الاطر المختلفة
عشت يا بلادي
مكانك الاول في فؤادي
و بنسمة خضرةالبوادي
وانت دوما في الاعالي
والكل لخدمتك وافي
بالحق والعدل و التساوي
انت الهبة من الله السامي
وفيك نعيش الحب والتصافي
.........!!