logo

 south sudan pounds Image Reuters Benedicte Desrus

الصورة: رويترز - بنديكت ديروس

 

* بقلم: الأستاذ/ عمر اسحق

بعد اقالة وزير المالية الأسبق الدكتور باك برنابا خرج بتصريح مقتضب مفاده ان هنالك نفر من ابناء جنوب السودان يسيطرون على الإيرادات الغير نفطية، ولم يستطيع هو كوزير للمالية وضع يده على هذه الإيرادات بسبب قوة هؤلا النفر.

رغم خطورة هذا الحديث ولكنه مر مرور الكرام، ولم تكلف الحكومة نفسها لمعالجة هذه الازمة، و الكل يري ان الازمة الاقتصادية تتفاغم فى البلاد و المواطن هو من يدفع الثمن.

سعادة كبير المستشارين كوال منجانق خرج مصرحا بانهم كمسؤلين نهبوا أموال النفط و ارسلوها إلى دول الجوار لبناء القصور فى صورة قد تشوه و تهز مصداقية اي حكومة، ولكن أيضا حديث سعادة المستشار مر وكان شيئا لم يحدث، حتى المسؤلين فى الدولة الذي وجه لهم الاتهام بالسرقة صمتوا جميعا مما ينطبق عليهم المثل القائل( السكوت علامة الرضا ).

بالأمس القريب خرج نائب وزير المالية اقوك ماكور و هو رجل يشهد له الجميع بعفة اليد و اللسان و حسن المعشر و الصدق فى القول و العمل.

الرفيق اقوك ماكور خرج مصرحا بأن هنالك حوالى ال19 مؤسسة فى الدولة لا تسلم ايرادتها إلى وزارة المالية.
و بالمعنى الصحيح ان هنالك اناس مواطنين جنوبين يديرون مؤسسات فى هذه الدولة، و هم يتمتعون بسلطات أعلى و اقوي حتى من سلطة اي وزير مالية او حتى رئيس الجمهورية.

هؤلا النفر الذين تحدث عنهم وزير المالية من قبل، و نائب وزير المالية بالأمس هم أصحاب الجنوب الحقيقين، فهم الذين ناضلوا و هم من صنعوا الدولة و اتو بالانفصال و حرروا الآخرين الخ.
فهؤلا الناس ليس كبقية الشعب الجنوبي، او انهم يمتلكون قوة خارقة تجعل الدولة ككل فاشلة فى مسائلتهم او محاسبتهم.
للأسف الشديد وزير المالية الأسبق ونائب وزير المالية ينظرون للفيل و يطعنون ظله، فى صورة يؤكد بوضوح مدى قوة الشخصيات التى تسيطر على الإيرادات الغير نفطية.
و الأدهى و الأمر من كل ذلك أن المسؤلين بوزارة المالية ظلوا يتحدثون بالالغاز و يتجنبون ذكر اسماء هذه المؤسسات و الشخصيات التى ترفض تسليم المالية ايرادات الدولة، بصورة فيها حتى نوع من الجبن و محاولة الحفاظ على المنصب خوفا من هؤلا النفر.

فالسؤال الذى يطرح نفسه لماذا التباكى على تطورات الازمة الاقتصادية، و جميعنا يدرك الأسباب الحقيقية لهذه الازمة.

فإذا كانت وزارة المالية فاشلة فى توفير المرتبات للموظفين لأكثر من سبعة شهور، و قيادة الوزارة عاجزة عن استلام الإيرادات الغير نفطية، فلماذا يظل الرفيق اقوك ماكور جالسا فى موقعه وهو يعلم تماما بأنه لا يستطيع لا بقوة القانون ولا بقوة وزاراته إجبار ال19 مؤسسة تسليم ايراداتها للمالية.
و السؤال الاخر للسيد نائب وزير المالية شخصيا هل يعلم بأن طيلة فترة الستة او السبعة شهور الذى لم يستلم فيه الموظفين مرتباتهم؟؟ ظل موظفيه فى وزارة المالية يستلمون رواتبهم كل شهر و كأنهم ليس وزارة ضمن وزارات الدولة.

فإذا كان سعادة نائب الوزير يري بأن هنالك مؤسسات تمارس الفساد و ترفض تسليم وزارة المالية ايراداتها الغير نفطية، فلان هذه المؤسسات تري أيضا بأن وزارة المالية ليست الجهة الممكن تحاسبها على فسادها، طالما كافة موظفى الخدمة المدنية فى الدولة لا يجدون رواتبهم لأكثر من خمسة او ستة شهور، و الموظفين فى وزارة المالية يصرفون رواتبهم كل شهر، فعن عن أي عدالة او إصلاح او محاسبة يمكن أن يتحدث عنها قادة وزارة المالية بهذه البلاد.

فببساطة شديدة طالما سعادة نائب وزير المالية و موظفى وزارته يستلمون رواتبهم كل شهر، و ليس لهم شي للموظفين فى الوزارات الاخري، تبقي وزارة المالية نفسها ما تحتاج للتنظيف و المحاسبة قبل حديث قيادتها عن فساد و تجاوزات الآخرين..

وعلى الرفيق الهمام الصادق و الأمين اقوك ماكور ان يجيب على سؤال من أين لوزارة المالية توفير المرتبات الشهرية لموظفيها، و عجزها التام ولشهور من توفير مرتب شهر واحد لبقية وزارات الدولة.
و اكيد ما خفى أعظم فيما يدور بمؤسسات هذه البلاد.
و ما بين هذا وذاك سوف تتفاغم الازمة الاقتصادية و قد يكون القرار الأفضل للمواطنين هو الهروب إلى معسكرات اللجؤ لايجاد ما يسد رمق اطفالهم الجوعى، و ترك هذه البلاد لمن ياخزون الإيرادات الغير نفطية عنوة و اقتدارا و رجالة وقوة عين من وزارة المالية.

————————————
* كاتب صحفي من جنوب السودان