logo

unitedيشكل نجاح المؤتمر الحوار الجنوبى الجنوبى او الحوار بين التنظيمات السياسية الجنوبية الذى انعقد فى جوبا فى فترة مابين 13-17 من اكتوبر الجارى تحت الشعار (((جنوب السودان موحد من اجل استفتاء حر- نزيه- شفاف ))) نقلة نوعية في رفع ثقافة الحوار وتقبل الاخر مما كان حجم الاختلاف ، بل يؤسس ذلك منهجاً حوارياً وطنياً وجنوبياً بمفهومه الشامل،والذى يبنى على العقل والمنطق وآدب الحوار والأخلاقيات القيمية للأمم المحترمة.

ونجح المؤتمرين  من تبنى موقف موحد فى (((قيام الاستفتاء حر نزيه وشفاف فى موعده 9من يناير 2011 --- تامين على العفو العام الذى صدره فريق اول سلفاكير ميارديت رئيس حكومة جنوب السودان ---- سيادة القانون وحماية حقوق الانسان --- الديمقراطية وممارسة السياسية --- حق التبنى خيارى الوحدة والانفصال دون خوف وإملاءات --- حكومة انتقالية --- مؤتمر دستورى --- وغيرها من نقاط ايجابية ومشجعة ومحفظة لمحبى الزعامة والسلطة على مستوى جنوب السودان )))

هذا ما كان يحدث لولا تنازلات التى قدمها حزبكم  الاعملاق (( الحركة الشعبية لتحرير السودان )) ولولا مسئؤلياته الوطنية باتجاة توحيد مكونات المجتمع الجنوبى الاجتماعى والسياسى فى بوتقة واحدة قبل الاستفتاء وإخراج مقررات الحوار الجنوبى الجنوبى ومساعى إلاجماع فى توصياتها بشكل يرضى جميع الاطراف وتاكيد ان الحوار هى الوسيلة الوحيدة وناجحة ولها دور في اتجاه مداواة الجراح، والتخفيف من حمأة الصراعات و الاحتقان الحزبى والسياسى والشحن الذايد .وكما معروف ان للسياسة النصيب الأوفر في تحريك عوامل الفرقة والشقاق، فإنه يمكن أن يكون لها دور في اتجاه مداواة الجراح، والتخفيف من حمأة الصراعات، ومن هنا تاتى وترتكز قوة المشاريع التى تركز على الحوار كمفهوم بناء والتسامح ونحوهما من المفاهيم

مهما كانت الصعوبات ، ينبغي أن نتمسك بالحوار والتفاهم ،ليس من أجل التغطية على الصعوبات والإساءات ،وإنما من أجل خلق المناخات الإيجابية لمعالجة كل الصعوبات والإساءات ومغالطات و سؤ الفهم

لعل من الأخطاء الشائعة ، والتي تساهم في تحويل لحظات الحوار بين الاطراف المتشاكسة ، إلى بيئة للسجال والمغالطات وقذف بالمفردات العارقة وصناعة المزيد من التشنج النفسي والاجتماعي والارهاب الفكرى ، هي حينما لا نخلق مسافة وتميز بين الأفكار والقناعات، والأشخاص الذين يحملون هذه العناوين .. فالدمج بين نقد الأفكار و الأشخاص ، هو الذي يقود إلى تحويل مواقع الحوار إلى حلبة للسجال والتطاحن وقذف بالمفردات والالفاظ والتمترس .. فتضيف هذه السجالات عناوين إضافية للتباعد والتباغض والتشنج .. والسبب في ذلك هو حضور الذوات بكل شحناتها وأمزجتها وميولها ، مما يحول دون النقاش الهادئ والحوار العلمي – الموضوعي .والسبب في ذلك يعود في تقديرى إلى حالة المزج بين الأشخاص والأفكار .. فتتحول الخلافات الفكرية إلى خلافات بين الأشخاص والمجتمعات .. مما يعمق الفجوة بين المختلفين ، وتزداد من جراء السجال والتشاحن عناوين الخلاف والنزاع والتباين .. مما يودى الى ان يصطر ويتخذ مسؤليين عن الموقع الى حذف التعليقات او نقل ومقال الى الجذء الخاص بالمشتركيين فقط كما حدث لمقالى الاخير بعنوان (( متى يتعلم د/ لام اكول من اخطائه؟!))

لهذا فإننا نعتقد بأهمية أن يتحلى جميع الأطراف بآداب الحوار و تقاليده الحضارية ، حتى لا تتحول هذه القيمة الأخلاقية والحضارية ، من قيمة تساهم في رفع التباغض بين المختلفين ، إلى ساحة للاحتراب والتراشق والاتهام وسوء الظن ..

فالمقال او التعليق او الحوار كقيمة ووسيلة لتنظيم الاختلافات والتباينات بين الأفراد والجماعات ، لا يمكن أن يؤتي ثماره الإيجابية المرجوة ، بدون الالتزام بقواعد الكتابة والحوار وأخلاقياته وآدابه .. ومن أهم هذه القواعد والأخلاقيات ، خلقُ المسافة الضرورية بين الذوات والأفكار ، بين الأشخاص وتصريحاتهم .. وحينما نمارس نقدنا للأفكار والعقائد ، فإننا لا نمارس عصبيتنا تجاه الأشخاص الذين يحملون هذه الأفكار .، إن هذه المسافة هي التي تساهم في خلق حوارات موضوعية ومثمرة على مختلف الصعد والمستويات ....لأن الواجب الأخلاقي والمسؤولية الحوارية تقتضي من هؤلاء التفكير في نقل هذا الحق – الذي يدعون امتلاكه والتمسك به – إلى الآخرين بالوسائل الحضارية السلمية التي يمكن أن يقتنع الآخرون بها ، وهذا ما يستتبع بالضرورة أن تكون لهم إرادة تفهم الآخر وأن يعطى الفرصة للحديث عن وجهة نظره ..

فالمقالات وتعليقات ليس ساحة للمزايدات الديماغوجية، أو إطلاق الشعارات البراقة واليافطات المواربة ، وإنما هو ساحة لاكتشاف الحقيقة من خلال الإنصات المتبادل ، والسعي لفهم الآخر بشكل مباشر بعيداً عن المسبقات والأحكام الجاهزة ..

فإذا كان من حقي أن أختلف مع الآخر واستخدم ضده مفردات والعبارات العارقة ومسئية الذى يفهم من خلاله العنف اللفظى ، فلا شك أن من حق الآخر أن يختلف معي ويعبر عن عدم رضاءه بالاسلوب الذى يناسبه ويناسب فهمه للنصوص والعبارت ومفردات الذى استخدم . لهذا فإننا نجد المنهج السليم في الحوار ، قائماً على مساواة الآخر بالذات ، والانطلاق من المساحات ,وقواسم المشتركة .. والالتزام بمقتضيات المقال الموضوعي والمناقبيات الأخلاقية شريطا عدم مجاملة الاولئك الذين يعملون تقديم مصالحهم الشخصية وذاتيتهم العشائرية والحزبية على حساب الاغلبية الصامتة ، وعندما نتحدث عن ذلك لانتحدث من باب المذايدة السياسية وتقليل شاءنهم او لوجود مشاكل شخصية كما ظل يكررها كثيرون هنا بل من اجل إصلاح العود الاعوج وإستدعاله او لتبديله باخرى مستقيم ، فكتابة المقالات و مدح لشخصيات ومنظمومات السياسية  كالذى يفعله ( كيمى جيمس ) او تنذيل التعليقات وكتابة سير ذاتية  كالذى يفعله (مارتن جون ) او كتابة مقالات ينتقد مواقف التغيير الديمقراطى ورئيسه كالذى يفعله (شخصى ) او مقالات المعتدلة كالذى يكتبه (جالفان سامسون) ليس فرصة للتنابز بالألقاب أو إطلاق الأقوال البذيئة ، بل علينا جميعا ومن مختلف مواقعنا أن نقول الكلام الحسن وكلام المر الصادقة المبنى على الحقائق لان وجود كلمات بذيئة هنا أو سيئة هناك ، ينبغي أن لا يقودنا إلى الوقوع في فخ الجدال بالسوء والشر وهذا هو الخطر الحقيقي الذي يحتاج إلى تشخيص وتمحيص وعلاج.

فالكتابة المقال وتنذيل التعليقات ليس توسيع التباينات ومنكافات وطعن الاخر ، وإنما البحث عن مواقع اللقاء والالتقاء لتأكيدها والانطلاق منها ، ولا يمكن الوصول إلى هذا ، بدون الأسلوب الحسن او الاسلوب المر وجارح شريط الالتزام بفضائل الأخلاق كالذى حصل فى الحوارالجنوبى الجنوبى الاخير .

إننا بحاجة لأنْ نتحاور ونجادل مع بعضنا البعض ، مهما كانت الأزمات والمشكلات والاختلافات السياسية .. فلا خيار أمامنا إلا الحوار الذي ينفتح على كل القضايا بروح المعرفة والتفاهم ، ووجود إساءة هنا أو هناك ، ينبغي أن لا يدفعنا إلى التعميم أو تضييع المكاسب أو اتهام الجميع بجريرة البعض. فالمزايدات الإعلامية لا تحمي حقيقة ، ولا تصون وطنا واستقرارا انما تزيد من جرحات الماضى ..، لهذا فإننا مهما كانت الصعوبات ، ينبغي أن نتمسك بالحوار والتفاهم ،ليس من أجل التغطية على الصعوبات والإساءات ،وإنما من أجل خلق المناخات الإيجابية لمعالجة كل الصعوبات والإساءات .. ، فالنار لا تُطفأ بنار ، ومن يحاول ذلك ، فإنه يزيد الأوضاع تأزما على مختلف المستويات .

وكل من يطالب بالتماثل في الرأي والقناعة ، كشرط للحوار ، هو في حقيقة الأمر ضد مبدأ الحوار والقبول بحقيقة التنوع و التعدد .. فالحوار لا يتم بين متماثلين ، وإنما هو بين مختلفين .. وعملية الحوار في جوهرها لا تستهدف إنهاء الاختلافات بل تنظيمها وإدارتها بعقلية حضارية – استيعابية .. فلتتسع قلوبنا وعقولنا للحوار وآدابه وأخلاقه ، ولنتمسك بمشروع التعايش والحوار مهما كانت الصعوبات .

فاولينو اوموج اوماى

21اكتوبر 2010.