logo

دولة السودان الجنوبي التي سيتم إعلانها في الشهور المقبلة كانت تعتمد على الدخل القومي من الحكومة المركزية في الشمال التي كانت من العائدات تقسيم الثروة وهى بند من بنود الاتفاقية الشامل عام 2005م هذه العائدات مصدرها الاساسى البترول .

ولذلك لابد إن يكون هنالك تخطيط استراتيجي في مجال الأمن الغذائي للدولة الوليدة بعد إعلان استقلالها في شهر يوليو القادم وهذا يتطلب بحوث جادة برغم أن الجنوب لا يحتاج إلى بذل جهد كبير في هذا المجال.

لذلك أتساءل لماذا الاعتماد على مورد واحد وهى البترول؟ و الإجابة على ذلك لابد أن نتعرف على مصطلح الأمن الغذائي .ولماذا نحتاج إليها في الوقت الراهن ؟

مصطلح الأمن الغذائي كثر استخدامها منذ الستينات للقرن العشرين واخذ عدة اتجاهات منذ أزمة الغذاء العالمي في عام 1973م ـ 1974م والتي صاحبها ارتفاع أسعار السلع أو الغذاء وانخفاض كبير في المخزون الاستراتيجي العالمي من الطعام وتبع ذلك أزمات سياسية دولية جعلت من الغذاء والبترول أهم السلع الإستراتيجية الاقتصادية .

وهذا الأزمات جعلت مفهوم الأمن العذائى ينصب على نشاطين اقتصاديين هما المخزون الاستراتيجي الغذائي ، والاكتفاء الذاتي من الخارج، أما المخزون الاستراتيجي فهو مخزون لمقابلة ما قد يحدث من أزمات غذائي أو نقص الطعام وهذا الركن من أركان الأمن الغذائي يحتاجها دولة السودان الجنوبي بعد الاستقلال مباشرة لان كانت تعتمد على عائدات البترول و الغذاء من الشمال و الدول المجاورة والإغاثة التي كانت تقدمها المنظمات الدولية و الإقليمية للمتضررين والعائدين من دول الجوار ومن الشمال ولكي نتفادى من ذلك المساعدات لابد نخطط التخطيط السليم حتى لا نكون من الدول التي تعتمد على المساعدات الخارجية وهذا المساعدات لديه مقابل هي الصمت في المحافل الدولية كما يقول المثل [ من لا يملك قوته لا يملك قراره ] كفى السجود والركوع في السودان القديم لابد ان نكون أحرار من الآن إلى الأبد لان أجدادنا لم يسجدوا ولم يركعوا و الدليل على ذلك الثورات التي قامت في الجنوب منذ الاستعمار وقبل الاستقلال السودان المتمثلة في عصيان الأبطال في توريت يوم 30 / أغسطس 1955م وانتشار هذه الثورة في مناطق الجنوب الأخرى بالتحديد في مديريات بحر الغزال و الاستوائية واعالى النيل .دلت هذا الموقف الرجولي بان أبطالنا في الجنوب رافضين الظلم برغم لم يكونوا حاملين الدرجات العلمية التي نمتلكها ألان ، ويقول المثل : ( العلم نور والجهل ظلام )ولكن العكس [ الجهل نور والعلم ظلام ] ظل المتعلمين والمثقفين يستقلون الجهلاء في كرس القبلية .ولكن أبطال الجنوب قبل خروج المستعمر البريطاني والمصري كانوا مسلحين بالعزيمة والإصرار على حرية الجنوبيين توحدوا تحت قبيلة واحدة هي الجنوب المظلوم . ولكي نقوم بعملية تامين الأمن الغذاء لابد نختار الشخص المناسب في المكان المناسب حتى يخطط في توفير الرفاهية للشعب جنوب السودان بدلا ً من اختيار الأفراد حسب الانتماء القبلي على حسب الاكثرية في السلطة على حسب حجم القبيلة من القبائل الأخرى بينما الاكتفاء الذاتي نعنى به أن يكون لدى الدولة أو تحت تصرفاتها ما يكفى حاجتها من الطعام أما الإنتاج أو الشراء وشعاع استخدام كل هذين المصطلحين( المخزون الاستراتيجي و الاكتفاء الذاتي ) في مقام الأمن الغذائي وفى الحقيقة فان كلا المصطلحين لا يعنى الأمن الغذائي وهذا الفهم خطأ.

وأيضا ًجعل الكثير من الناس يخلطون بين الأمن الغذائي والإنتاج الغذائي والفرق بينهما واضح ،فالإنتاج الغذائي داخل في عملية تحقيق الأمن الغذائي ، لان هو عملية توظيف الموارد و المدخلات توظيفا ً مباشرا للإنتاج الغذائي و الحيواني وهذا ما يحتاجه ألان الدولة الوليدة في السودان الجنوبي لكي يكون الجميع في حالة تسمح لهم الحصول على غذائهم في الوقت المراد ، كذلك تدخل في جهود الأمن الغذائي بجانب الإنتاج و القدرة الشرائية للأفراد الذين لا ينتجون الغذاء ، كما تدخل فيها أيضا ًحركة التوزيع لسلعة الغذاء وهى سلسلة تحريك السلع من مكان الإنتاج إلى مكان الاستهلاك وتشمل التسويق ويحتاج هذه العملية إلى الطرق الدائمة حتى تصل السلع إلى أجزاء الولايات المختلفة . وتأخير وصول السلع في الزمن المحدد سيكون عائق كبير لعملية الاكتفاء الذاتي كذلك من الدعامات الأمن الغذائي استتاب الأمن العام و الشعور بالأمان لدى المنتج والمستهلك وكذلك تامين المنتجات من النهب وامن وسائل الإنتاج " تأمينها من العبث والتخريب " وأيضا ً من دعامات الأمن الغذائي حركة التجارة و الاتصال بالأسواق العالمية و العلاقات الخارجية .

يتجلى الدور المباشر للسلطة السياسية فئ تفعيل كل السياسات و البرامج الخاصة لتحقيق الأمن الغذائي " فالسلطة السياسية هي التي تنشئ السوق وهى التي توجد المخزون الاستراتيجي و تحشد الموارد المختلفة لعمليات الإنتاج و هي التي تكون لها الدور القيادي في عملية التسويق وإرساء البنيات الأساسية التحتية للسوق وحركة النقل التوزيع و الاتصالات وتوفير الأمن لحركة النقل و المنتج و المستهلك ".

كذلك السلطة هي التي تسن وتفصل القوانين و التشريعات ( Legislations ) الخاصة بالمحافظة على البيئة و الموارد الطبيعية وحمايتها من التدهور حتى يقود إلى الحد أو تقليل من الكوارث الطبيعية مثل إزالة الغطاء النباتي التي يؤدى إلى تفكيك التربة و الجفاف و الحد من التلوث .

كذلك السلطة لها دور اساسى في توفير المناخ الملائم للسلام وفى فض النزاعات القبلية وإبعاد شبح الحروبات و الصراعات التي ألحقت بالجنوب الدمار و أهلكت الحرث و النسل ويكفى إن نعلم أن الجنوب كانت بؤرة الحرب منذ الخمسينات ، هذه الحروب كانت تدمر كل يوم مواردها الطبيعية و البشرية وتعطل حركة العمل و الإنتاج الغذائي وغيرها ، وتعطل حركة التنمية بتدمير مواردها الطبيعية ، بل المالية التي كان يمكن إن تصرف على التنمية وعلى تحسين الأوضاع الغذائية صارت تنفق على الحروب لكي تزداد اشتعال النار لتحترق الجنوب .

بما أن مسئولية الصراع المسلح تقع على عاتق الجميع " المواطنين و الجماعات المتصارع على السلطة " فلابد من تضافر الجهود لإسكات صوت الحرب و اللجوء إلى الوسائل السلمية و التصالحية لفض النزاع وبناء ثقافة السلام و هذا ما فعلته الدول التي تقدمت و نهضت باقتصادها في أوربا واسيا و في بعض الدول الإفريقية .

لذلك ينبغي العمل على تعبئة المجتمع ليكون له دور في تحقيق الأمن الغذائي وذلك من خلال ترسيخ القناعة فى نفس المواطن الجنوبي بان الأمن الغذائي لا يقل أهمية عن الأمن السياسى للجنوب وفى هذا الاطار لابد من الاستفادة من تجارب العديد من الدول الافريقية مع ظاهرة التدخل الاجنبى وتعريض امن بلدانها المتلقية للعون الغذائى للخطر.

نواصل

فيتر قارشنق تاب نيال

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.