logo

خرج علينا المدعو سايمون قاج أكوج بلغة عربية ركيكة ركاكة أفكاره بمقال حاقد ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان- التغيير الديمقراطى بعنوان "الخذى والعار للتغيير الديمقراطى" يكيل فيه الإتهامات والأكاذيب فى حق التغيير الديمقراطى. لابد من التصدى لكل هذا الزور والبهتان بالحجة والمنطق والحقائق لجماً له ولغيره من أصحاب الأقلام المأجورة الذين يقتاتون على خلق الفتن والصراعات ونقل المعلومات الكاذبة.

للإجابة على أسئلته الثلاثة الأولى والتى هى فى الأساس إستنكارية وليست للبحث عن الحقيقة، نحيل القارئ إلى أدبيات الحركة الشعبية لتحرير السودان- التغيير الديمقراطى الثرة مثل النظام الأساسى والبرنامج الإنتخابى وخطب الرئيس وقادة الحزب فى مناسبات مختلفة. لا تسع مساحة هذا المقال لتكرارها هنا لأنها منشورة ومتاحة لمن يرغب فى الإطلاع عليها.

الكذبة الكبرى هى ما أشار إليه فى سؤاله الأخير (السابع) بأن د. لام أكول كان فى "قمة مشتركة" مع البشير، وأجزم بأنه يقصد قمة الإتحاد الإفريقى الأخير الذى إنعقد مؤخراً فى أديس ابابا بإثيوبيا، وهى فرية روج لها أسياده فى جوبا وهو كغيره من المأجورين ما لهم من دور إلا الترديد كالببغاء وإشانة سمعة الشرفاء. لمعلومية الجميع فإن د. لام لم يغادر السودان البتة فى هذه الفترة. يمكنك التأكد من أسيادك فقد كانوا حضوراً مع البشير فى هذه القمة. وبما أنه لم يكن هناك وعليه يكون الحديث المنسوب إليه باطلاً.

أما الحديث عن أن التغيير الديمقراطى دعت لوحدة السودان (السؤال الخامس)، أتحدى هذا الكاتب وغيره أن يورد دليلاً واحداً على دعوة "أعضاء بارزين من التغيير الديمقراطى" لوحدة السودان. إذا كانت الإشارة إلى اللجنة التى كونها رئيس الجمهورية التى ورد فيها إسم د. لام أكول فقد ورد فيها كذلك إسم سلفا كير نائباً لرئيس اللجنة (البشير) وقد تم ذلك دون تشاور ولذلك رفض الإثنان العمل فيها. ما هى الضجة، إذاً، لولا الحقد الفاضح والكيل بمكيالين؟

وهل نحتاج إلى دليل أكبر من جولات قيادات التغيير الديمقراطي فى مقاطعات الشلك الأربع من ضمن مناطق أخرى أثناء الدعاية لخيارى الإستفتاء بقيادة زعيم المعارضة فى المجلس التشريعى لجنوب السودان، الأستاذ أونيوتى أديقو، فى شهرى ديسمبر ويناير مما كانت نتيجتها تصويت مواطنو تلك المقاطعات بنسبة 99% وزيادة للإنفصال. هل يساورك الشك ان هذه مناطق نفوذ التغيير الديمقراطى ولم يمض على هزيمتكم النكراء فى الإنتخابات الأخيرة سوى بضعة أشهر؟ فالقوة الحقيقية للتغيير الديمقراطى (سؤالك الرابع) تكمن فى جماهيرها وهى تثبت بالعمل ما تدعو إليه وليس بالغوغاء الخاوى والشعارات الممجوجة. وما تذهب اليه أن "التغيير الديمقراطى لم يكن لديه عضوية جماهيرية يمكن الإعتماد عليها" يكذبه فوزها الكاسح فى الإنتخابات الأخيرة، وهو إدعاء كنعيق البوم لايحتاج إلى رد. لقد إدعى أحد قادتكم فى هذا المنبر من قبل أن التغيير الديمقراطى يشترى بطاقات التسجيل من المواطنين لكى ترمى بها فى صندوق الوحدة!! أين هذا الصندوق الآن؟

الحديث عن تعاون التغيير الديمقراطى مع "حكومة الشمال" (سؤالك السادس) يصدرعن جاهل جهول، مثلها مثل الحديث عن تأييد ترشيح البشير لرئاسة الجمهورية والوقوف معه فى قضية المحكمة الجنائية. لعلمك فإن التعاون مع "حكومة الشمال" فرضه إتفاقية السلام الشامل الذى نقطف ثمارها هذه الأيام. فالحركة الشعبية التى تحرق لها البخور لا تتعاون مع "حكومة الشمال" فحسب بل هى شريك مع المؤتمر الوطنى بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانى. هذه مواقف لا يفهمها من لا ينظر إلى أبعد من أخمص قدميه. لتبسيط الشرح نقول لأبى جهل بأن البشير هو من وقع مع الجنوب على إتفاقية السلام الشامل وهو الطرف الأساسى فى تنفيذه ولذلك فإن إستمراره فى الحكم حتى نهاية الفترة الإنتقالية من ضمانات تطبيقها. البشير من بين إثنى عشر مرشحاً (بما فى ذلك مرشح الحركة الشعبية الشمالى) هو الوحيد الذى أعلن بأنه سيحترم رأى الجنوبيين إذا إختاروا الإنفصال وقد سمعتم حديثه فى جوبا قبيل التصويت وفى أديس أبابا بعد إعلان النتيجة. بعد كل هذا هل كان خيار التغيير الديمقراطى موفقاً أم لا؟ والبشير هو الذى سيوقع مرسوماً جمهورياً بإنفصال الجنوب ثم بعد ذلك يأتى إعتراف الآخرين بالدولة الجديدة. هذه هى الحقائق لأولى الألباب.

المحكمة الجنائية الدولية مثل السحر الذى ينقلب على الساحر وهى سيف مسلط على رقاب كل من خاض الحروب ولن تسلم منها الحركة الشعبية فى نهاية المطاف إذا إنقلبت موازين الغرب عليها. ما أظنك تجهل وأنت من تدعى المعرفة ببواطن أمور الحركة الشعبية أنها كانت مسؤولة عن تصفيات جسدية فى صفوفها وإبادات وسط قبائل جنوبية مثل النوير قاجاك والمورلى وغيرهما من قبل قادات بعضهم ما زال على قيد الحياة. هل سألت نفسك لماذا تطارد هذه المحكمة البشير بسبب فقدان أرواح مئات الآلاف فى دارفور ولم ترفع أصبعاً واحدة من أجل حوالى مليون روح جنوبية فقدت فى الحرب مع نفس البشير فى الجنوب؟ هل الأرواح فى الجنوب أرخص من تلك فى دارفور؟ بالتأكيد إن فقدان روح واحدة جرم يستحق المسآلة، ولكن لماذا التمييز؟ ولن نخوض فى القضايا الفلسفية ذات الصلة مثل ما إذا وجب السلام أولاً أم العدالة لأن مثل هذه الأمور تستعصى على فهمك الضيق. على العموم، الذى يهمنا هنا هو أن إيقاف البشير وهو رئيس الجمهورية إذا ما نفذ فى ذلك الوقت فإن نتيجته الحتمية هو حدوث بلبلة وعدم إستقرار فى السودان ضحيتها إتفاقية السلام الشامل التى يحتاج تطبيقها إلى سلام وإستقرار. الولايات المتحدة التى دفعت ببعضكم لإتخاذ ذلك الموقف الغريب تجاه المحكمة الجنائية ليست بعضو فى تلك المحكمة ولديها قانون وطنى يحرم التعاون معها فى بلادها. هذا منطق القوة وليس قوة المنطق.

الإتهام عن ضبابية موقف التغيير الديمقراطى حول الإستفتاء لا يصدر إلا ممن فى عينه رمد. لقد دعا د. لام أكول كثيراً إلى ضرورة أن يكون الإستفتاء حراً ونزيهاً وشفافاً، ليس من باب التشكيك فيه بل حرصاً على ألا يطعن أحد فى نتيجته. كيف لا وتقرير المصير من بنات أفكاره. نتيجة لتلك الدعوة تبنى الحوار الجنوبى- الجنوبى فى أكتوبر الماضى هذا الشعار (من أجل إستفتاء حر ونزيه وشفاف). هذا إنجاز كبير للتغيير الديمقراطى. عندما كتب د. لام فى سبتمبر الماضى عن ضرورة إجراء الحوار الجنوبى-الجنوبى قبل الإستفتاء إتهمه قصيرو النظر وحارقو البخور بالسعى لعرقلة الإستفتاء! الآن لا ينكر إلا مكابر إنه لولا تلك الوحدة التى تحققت فى الحوار الجنوبى-الجنوبى لما تحصلنا على هذه النسبة المشرفة لصالح الإنفصال.

فشل حكومة الجنوب فى كل المناحى فى الست سنوات الماضية، واقع ماثل لا ينكره حتى المتنفذين فى تلك الحكومة وإنما فقط يبررون، بأسباب واهية كخيط العنكبوت، هذا الفشل. وعليه فإن لفت النظر لهذا الفشل واجب وطنى يمليه الضمير. أما قولك بأن التغيير الديمقراطى قالت إنه من أجل ذلك "يجب البقاء فى الوحدة لسلامة المواطن الجنوبى" فهو كذب صراح لايقف على ساق. فالمنطق يقول أن هذا الفساد المنقطع النظير حدث فى ظل الوحدة، فكيف تكون الوحدة هى العلاج؟ ما لكم كيف تحكمون؟

كلنا نهنئ الشعب الجنوبى على إسماع صوته داوياً بما لايدع مجالاً للشك ولن يجرأ حتى ألد أعدائه على تقديم أى طعن فى نتيجة الإستفتاء، فله التقدير والتجلة. ولكننا نحذر من سرقة الثورات والإنجازات، الإنتهازيون الذين كانوا بالأمس يفاخرون بمحاربة إنفصالييى الجنوب واليوم يحاولون سرقة إنجاز الشعب الجنوبى بأكمله. "الإختشو ماتوا"!

وعن الذى "دفأنى لكتابة هذا المقال"- كما يقول الكاتب الذى نتمنى له أن يجد الدفء فى هذا الشتاء القارس- فهو بيت القصيد. فالذى دفعه للكتابة هو محاولة إلباس الحزب بثوب الإرهاب ورفع السلاح ضد الدولة ليتم حرمانه من العمل السياسى وملاحقة أعضائه. وهذا ليس بجديد على حزب التغيير الديمقراطى الذى عانى ما عانى من كيد العاجزين عن الممارسة الديمقراطية الشريفة والذى من أعمدتها الأساسية سيادة حكم القانون وكفالة الحريات. فالذين يعتبرون الخلاف معهم عملاً "ضد الجنوب" فهولاء هم النازيون الجدد ويجب كشفهم أمام الجماهير. فبعد أن نهبوا أموال الجنوب وإمتلأت بها حساباتهم المليونية بالخارج يقولون لمن يتضور جوعاً ويطالب بحقه بأنه طماع ويعمل "ضد الجنوب". مسكين هذا الجنوب الذى يتحدث بإسمه سارقو قوته!! وهنيئاً لك يا سايمون، فقد سبقك فى هذا الخط من تربوا على مصاص دماء الأبرياء ولن تأت بجديد. العدو الأول لشعب الجنوب ليس التغيير الديمقراطى بل أمثالك الذين يتهمون الآخرين جزافاً وينشرون الزور والبهتان دون رمشة عين. بارت بضاعتكم فأبحثوا عن غيرها.

وإن عدتم عدنا!

جوزيف أبان أدينق.